فصل: الفصل الثالث من الباب الأول من المقالة الأولى في معرفة الأزمنة والأوقات من الأيام والشهور والسنين على اختلاف الأمم فيها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **


  الفصل الثالث من الباب الأول من المقالة الأولى في معرفة الأزمنة والأوقات من الأيام والشهور والسنين على اختلاف الأمم فيها‏.‏

وتفاصيل أجزائها‏.‏والطرق الموصلة إليها‏.‏ ومعرفة أعياد الأمم‏.‏

وفيه أربعة أطراف الطرف الأول في الأيام وفيه ست جمل الجملة الأولى وبيان ابتداء الليل والنهار وقد اختلف الناس في مدلول اليوم على مذهبين‏:‏ المذهب الأول وهو مذهب أهل الهيئة أن اليوم عبارة عن زمان جامع لليل والنهار مدته ما بين مفارقة الشمس نصف دائرة عظيمة ثابتة الموضع بالحركة الأولى إلى عودها إلى ذلك النصف بعينه وأظهر هذه الدوائر الأفق وفلك نصف النهار‏.‏

والحذاق من المنجمين يؤثرون فلك نصف النهار على الأفق بسهولة تحصل بذلك في بعض أعمالهم لأن اختلاف دوائره في سائر الأوقات اختلاف واحد وبعضهم يؤثر استعمال الأفق لأن الطلوع منه والغروب فيه أظهر للعيان وهو الموافق لما نحن فيه‏.‏

ثم منهم من يقدم الليل فيفتتح اليوم بغروب الشمس ويختم بغروبها من اليوم القابل وعلى ذلك عمل المسلمين وأهل الكتاب وهو مذهب العرب لأن شهورهم مبنية على مسير القمر وأوائلها مقدرة برؤية الهلال‏.‏

ومنهم من يقدم النهار على الليل فيفتتح اليوم بطلوع الشمس ويختم بطلوعها من اليوم القابل وهو مذهب الروم والفرس‏.‏

ويحكى أن الاسكندر سأل بعض الحكماء عن الليل والنهار أيهما قبل صاحبه فقال‏:‏ هما في دائرة واحدة والدائرة لا يعلم لها أول ولا آخر ولا أعلى ولا أسفل‏.‏

المذهب الثاني وهو مذهب الفقهاء أن اليوم عبارة عن النهار دون الليل حتى لو قال لزوجته‏:‏ أنت طالق يوم يقدم فلان فقدم ليلاً لم يقع الطلاق على الصحيح‏.‏

ثم القائلون بذلك نظروا إلى الليل والنهار باعتبارين‏:‏ طبيعي وشرعي‏.‏

أما الطبيعي فالليل من لدن غروب الشمس واستتارها بحدبة الأرض إلى طلوعها وظهورها من الأفق والنهار من طلوع نصف قرص الشمس من المشرق إلى غيبوبة نصفها في الأفق في المغرب وسائر الأمم يستعملونه كذلك‏.‏

وأما الشرعي‏:‏ فالليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني وهو المراد بالخيط الأبيض من قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ‏"‏ والنهار من الفجر الثاني إلى غروب الشمس وبذلك تتعلق الأحكام الشرعية من الصوم والصلاة وغيرهما‏.‏

واعلم أن الشمس في الليل تكون غائبة تحت الأرض فإذا قربت منا في حال غيبتها أحسنا بضيائها المحيط بظل الأرض الذي هو الليل وهذا الضياء طليعة أمامها يطلع في السحر بياض مستطيل مستدق الأعلى وهو الفجر الكاذب إذ لا حكم له في الشريعة ويشبه بذنب السرحان لانتصابه واستطالته ودقته ويبقى مدة ثم يزداد هذه الضوء إلى أن يأخذ طولاً وعرضاً وينبسط في عرض الأفق وهو الفجر الثاني ويسمى الصادق وعليه تترتب جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالفجر وبعده يحمر الأفق لاقتراب الشمس وسطوع ضيائها على المدورات الغربية من الأرض ويتبعه الطلوع وعند غروبها ينعكس الحكم في الترتيب المتقدم فيبقى الأفق محمراً من جهة المغرب بعد الغروب ثم تزول الحمرة ويبقى البياض الذي هو نظير الفجر الصادق وبالحمرة حكم صلاة العشاء عند الشافعية وبالبياض حكمها عند الحنفية ثم يزداد البياض ضعفاً شيئاً فشيئاً إلى أن يغيب ثم يتبعه البياض المستطيل المنتصب نظير الفجر الكاذب مدة من الليل ثم يذهب وهذا لا حكم له في الشرعيات‏.‏

والهند لا يعدون الفجر ولا الشفق من الليل ولا من النهار ويجعلونهما قسماً مستقلاً وهذا في غاية البعد لأن الله تعالى قسم الزمان إلى ليل ونهار ولم يذكر معهما سواهما‏.‏

الجملة الثانية في اختلاف الليل والنهار واعلم أن البلاد والنواحي على قسمين‏:‏ القسم الأول ما يستوي فيه الليل والنهار أبداً‏.‏

لا يختلفان بزيادة ولا نقصان وذلك في البلاد التي لا عرض لها وهي ما مر عليه خط الاستواء والعلة في التساوي هي أن أصحاب الهيئة لما توهموا أن بين قطبي فلك البروج دائرة عظمى تقسم سطح السماء نصفين على السواء وسموها دائرة معدل النهار وتوهموا أيضاً في موازاتها دائرة أخرى تقسم سطح الأرض نصفين وسموها دائرة الاستواء وخط الاستواء وكل بلد يمر عليه هذا الخط لا عرض له وذلك لانقسام الكرة فيه وطلوع الشمس أبداً على رؤوس ساكنيه وميلها في ناحيتي الشمال والجنوب بقدر واحد ودوائر الأوقات تقطع جميع الدوائر الموازية لدائرة معدل النهار بنصفين نصفين فيكون قوس النهار وهو الزمان الذي من طلوع الشمس إلى غروبها مساوياً لقوس الليل وهو الزمان الذي من غروب الشمس إلى طلوعها فيكون الليل والنهار متساويين أبداً في هذه المواضع في جميع السنة‏.‏

القسم الثاني ما يختلف فيه الليل والنهار في السنة بالاستواء والزيادة والنقصان وهي البلاد ذوات العروض والعلة في الزيادة والنقصان أن المواضع التي تميل عن خط الاستواء إلى الشمال تميل في كل موضع منها دائرة معدل النهار إلى الجنوب وتنحط الشمس ويرتفع القطب الشمالي من الأفق ويصير للبلد عرض بحسب ذلك الارتفاع وتقدر بعده عن الخط‏.‏

وإذا مالت الدائرة قطعت الآفاق كل دائرة من الدوائر الموازية لها بقطعتين مختلفتين فيكون ما فوق الأرض من قسميها أعظم من الذي تحتها لأن القطب لما ارتفع ارتفعت الدوائر الشمالية فظهر من كل واحدة أكثر من نصفها وانحط مدار الشمس عن سمت الرأس إلى جهة الجنوب فبعد مشرق الصيف عن مشرق الشتاء فطال النهار وقصر الليل وكلما زاد ارتفاع القطب في الأقاليم زاد الاختلاف الذي هو بين هذه القطع إلى أن تكون نهاية الأطوال حيث يكون ارتفاع القطب اثنتي عشرة درجة ونصفاً وربعاً وهو أول المعمور اثنتي عشرة ساعة ونصفاً وربعاً وحيث يكون ارتفاعه تسعاً وعشرين درجة وهو آخر الإقليم الثاني ثلاث عشرة ساعة ونصفاً وربعاً وحيث يكون ارتفاعه ثلاثاً وثلاثين درجة ونصفاً وهو آخر الإقليم الثالث أربع عشرة ساعة وربعاً وحيث يكون ارتفاعه تسعاً وثلاثين درجة وهو آخر الإقليم الرابع أربع عشرة ساعة ونصفاً وربعاً وحيث يكون ارتفاعه ثلاثاً وأربعين درجة ونصفاً وهو آخر الإقليم الخامس خمس عشرة ساعة وربعاً وحيث يكون ارتفاعه سبعاً وأربعين درجة وهو آخر الإقليم السادس خمس عشرة ساعة ونصفاً وربعاً وحيث يكون ارتفاعه خمسين درجة وآخر الإقليم السابع ست عشرة ساعةوربعاً‏.‏

ولا يزال اختلاف مطالع البروج يزداد بالإمعان في الشمال ويتسع شرقاً المتقلبين ويتقاربان مع مغربيهما إلى أن يلتقيا في العرض المساوي لتمام الميل الأعظم وهو حيث يكون ارتفاع القطب ستاً وستين درجة وفي هذا الموضع يكون قطب فلك البروج في دوره يمر على سمت الرؤوس ويكون أول السرطان فقط ظاهراً فوق الأرض أبداً ومدار أول الجدي فقط غائباً أبداً فيكون مقدار النهار الأطول أربعاً وعشرين ساعة لا ليل فيه‏.‏

ويعرض في هذه المواضع عند موازاة قطب فلك البروج سمت الرؤوس أن دائرة فلك البروج تنطبق حينئذ على دائرة الأفق فيكون أول الحمل في المشرق وأول الميزان في المغرب وأول السرطان في الأفق الشمالي وأول الجدي في الأفق الجنوبي‏.‏

فإذا صار قطب فلك البروج والأفق نصفين وارتفع النصف الشرقي من فلك البروج وانخفض النصف الغربي فيطلع حينئذ ستة بروج دفعة واحدة وهي من أول الجدي إلى آخر الجوزاء‏.‏

وكذلك تغرب الستة الباقية دفعة واحدة‏.‏

وحيث يكون ارتفاع القطب سبعاً وستين درجة وربعاً فهناك يكون مدار ما بين النصف من الجوزاء إلى النصف من السرطان ظاهراً في الأرض أبداً وما بين النصف من القوس إلى النصف من الجدي غائباً أبداً فيكون مقدار شهر من شهور الصيف نهاراً كله لا ليل فيه وشهر من الشتاء ليلاً كله لا نهار فيه والعشرة الأشهر الباقية ن السنة كل يوم وليلة أربعاً من الشتاء ليلاً كله لا نهار فيه والعشرة الأشهر الباقية من السنة كل يوم وليلة أربعاً وعشرين ساعة‏.‏

وحيث يكون ارتفاع القطب تسعاً وستين درجة ونصفاً وربعاً فهناك يكون مدار برجي الجوزاء والسرطان ظاهراً فوق الأرض ومدار برجي القوس والجدي غائباً تحت الأرض أبداً ولذلك يكون مقدار شهرين من الصيف نهاراً كله وشهرين من الشتاء ليلاً كله‏.‏

وحيث يكون ارتفاع القطب ثلاثاً وسبعين درجة يكون ما بين النصف من الثور إلى النصف من الأسد ظاهراً أبداً والأجزاء النظيرة لها غائبة أبداً فيكون مقدار ثلاثة أشهر من الصيف نهاراً كله وثلاثة أشهر من الشتاء ليلاً كله‏.‏

وحيث يكون ارتفاع القطب ثماني وسبعين درجة ونصفاً فهناك يكون مدار الثور والجوزاء والسرطان ظاهراً أبداً والبروج النظيرة لها غائبة أبداً فيكون أربعة أشهر من الصيف نهاراً كله وأربعة أشهر من الشتاء ليلاً كله‏.‏

وحيث يكون ارتفاع القطب أربعاً وثمانين درجة فهناك يكون مدار ما بين النصف من الحمل إلى النصف من السنبلة ظاهراً أبداً والبروج النظيرة لها غائبة أبداً فيكون خمسة أشهر من الصيف نهاراً كله وخمسة أشهر من الشتاء ليلاً كله‏.‏

ومما يعرض في هذه المواضع التي تقدم ذكرها أنه إذا كان قطب فلك البروج في دائرة نصف النهار مما يلي الجنوب كان أول الحمل في المشرق وأول الميزان في المغرب وتكون البروج الشمالية ظاهرة أبداً فوق الأرض الجنوبية غائبة تحتها وهناك يطلع ما له طلوع من آخر الفلك فيما بين الجدي والسرطان منكوساً فيطلع الثور قبل الحمل والحمل قبل الحوت والحوت قبل الدلو وكذلك تغرب نظائرها منكوسة‏.‏

وحيث يكون ارتفاع القطب تسعين درجة فيصير على سمت الرأس فهناك تكون دائرة معدل النهار منطبقة على الأفق أبداً ويكون دور الفلك رحوياً موازياً للأفق ويكون نصف السماء الشمالي عن معدل النهار ظاهراً أبداً فوق الأرض والنصف الجنوبي غائباً تحتها فلذلك إذا كانت الشمس في البروج الشمالية كنت طالعة تدور حول الأفق ويكون أكثر ارتفاعها عنه بمقدار ميلها عن معدل النهار وإذا كانت في البروج الجنوبية كانت غائبة أبداً فتكون السنة هناك يوماً واحداً ستة أشهر ليلاً وستة أشهر نهاراً ولا يكون لها طلوع ولا غروب‏.‏

فظهر من هذا أن حركة الفلك بالنسبة للآفاق إما دولابية وهي في خط الاستواء وإما حمائلية وهي في الآفاق المائلة عنه وإما رحوية وهي في المواضع التي ينطبق فيها قطب العالم على سمت الرأس فسبحان من أتقن ما صنع‏!‏ الجملة الثالثة في معرفة زيادة الليل والنهار ونقصانها بتنقل الشمس في البروج أما السريعة فحركة فلك الكل بها في اليوم والليلة من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق وتسمى الحركة اليومية‏.‏

أما الحركة البطيئة فقطعها فلك البروج في سنة شمسية من الجنوب إلى الشمال ومن الشمال إلى الجنوب ولتعلم أن جهة المشرق وجهة المغرب لا تتغيران في أنفسهما بل جهة المشرق واحدة وكذلك جهة المغرب وإن اختلفت مطالعهما‏.‏

قال تعالى‏:‏ ‏"‏ رب المشرق والمغرب ‏"‏ أي جهة الشروق وجهة الغروب في الجملة إلا أن الشمس لها غاية ترتفع إليها في الشمال ولتلك الغاية مشرق ومغرب وهو مشرق الصيف ومغربه ومطلعها حينئذ بالقرب من مطلع السماك الرامح ولها غاية تنحط إليها في الجنوب ولتلك الغاية أيضاً مشرق ومغرب‏:‏ وهو مشرق الشتاء ومغربه ومطلعها حينئذ القرب من مطلع بطن العقرب وهذان المشرقان والمغربان هما المراد بقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ رب المشرقين ورب المغربين ‏"‏ وبين هاتين الغايتين مائة وثمانون مشرقاً ويقابلها مائة وثمانون مغرباً ففي كل يوم تطلع من المشرق غير الذي تطلع فيه بالأمس وتغرب في مغرب غير الذي تغرب فيه بالأمس‏.‏

وذلك قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ رب المشارق والمغارب ‏"‏ ونقطة الوسط بين هاتين الغايتين وهي التي يعتدل فيها الليل والنهار يسمى مطلع الشمس فيها مشرق الاستواء ومغرب الاستواء ومطلعها حينئذ بالقرب ن مطلع السماك الأعزل‏.‏

وقد قسم علماء الهيئة ما بين غاية الارتفاع وغاية الهبوط اثني عشر قسماً قالوا‏:‏ والمعنى في ذلك أن الشمس في المبدإ الأول لما سارت مسيرها الذي جعله الله خاصاً بها قطعت دور الفلك التاسع في ثلثمائة وستين جزءاً وسموا كل جزء درجة ثم قسمت هذه الدرج إلى اثني عشر قسماً على عدد شهور السنة وسموا كل قسم منها برجاً وجعلوا ابتداء الأقسام من نقطة الاعتدال الربيعي‏:‏ لاعتدال الليل والنهار عند مرور الشمس بهذه النقطة ووجدوا في كل من قسم هذه الأقسام نجوماً تتشكل منها صورة من الصور فسموا كل قسم باسم الصورة التي وجدوها عليه وكان القسم الأول الذي ابتدأوا به نجوماً إذا جمع متفرقها تشكلت صورة حمل فسموها الحمل وكذلك البواقي‏.‏

قال صاحب مناهج الفكر‏:‏ وذلك في أول ما رصدوا وقد انتقلت الصور عن أمكنتها على ما زعموا فصار مكان الحمل الثور وهي تنتقل على رأي بطليموس في ثلاثة آلاف سنة وعلى رأي المتأخرين في ألفي سنة‏.‏

إذا علمت ذلك فاعلم أن الدورة الفلكية في العروض الشمالية تنقسم إلى ثلثمائة وستين درجة كما تقدمت الإشارة إليه والسنة ثلثمائة وستون يوماً منقسمة على الاثني عشر برجاً المتقدم ذكرها لكل برج منها ثلاثون يوماً وتوزع عليها الخمسة أيام والربع يوم والليل والنهار يتعاقبان بالزيادة والنقصان بحسب سير الشمس في تلك البروج فما نقص من أحدهما زيد في الآخر وذلك أنها إذا حلت في رأس الحمل وهي آخذة في الارتفاع إلى جهة الشمال وذلك في السابع عشر من برمهات من شهور القبط ويوافقه الحادي والعشرون من آذار من شهور السريان وهو مارس من شهور الروم والرابع والعشرون من حردادماه من شهور الفرس اعتدل الليل والنهار فكان كل واحد منها مائة وثمانين درجة وهو أحد الاعتدالين في السنة ويسمى الاعتدال الربيعي لوقوعه أول زمن الربيع فيزيد النهار فيه في كل يوم نصف درجة وينقص الليل كذلك فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس عشرة درجة ونقص الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وتسعين درجة والليل على مائة وخمس وستين درجة‏.‏

ثم تنقل إلى الثور فيزيد النهار فيه كل يوم ثلث درجة وينقص الليل كذلك فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً عشر درجات ونقص الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائتين وخمس درجات والليل على مائة وخمس وخمسين درجة‏.‏

ثم تنقل إلى الجوزاء فيزيد النهار فيها كل يوم سدس درجة ونقص الليل كذلك فتكون زيادة النهار فيها لمدة ثلثين يوماً خمس درجات ونقص الليل كذلك ويصير النهار آخرها على مائتين وعشر درجات والليل على مائة وخمسين درجة وذلك غاية ارتفاعها في جهة الشمال‏.‏

وهذا ويسمى سير الشمس في هذه البروج الثلاثة شمالياً صاعداً لصعودها في جهة الشمال‏.‏

ثم تنقل الشمس إلى السرطان وتكرر راجعة إلى جهة الجنوب ويسمى ذلك المنقلب الصيفي وذلك في العشرين من بؤنة من شهور القبط ويبقى من حزيران من شهور السريان ويونيه من شهور الروم خمسة أيام وحينئذ يأخذ الليل في الزيادة والنهار في النقصان فينقص النهار فيه في كل يوم سدس درجة ويزيد الليل كذلك فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس درجات وزيادة الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائتين وخمس درجات والليل على مائة وخمس وخمسين درجة‏.‏

ثم تنقل إلى الأسد فينقص النهار فيه كل يوم ثلث درجة فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً عشر درجات وزيادة الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وتسعين درجة والليل على مائة وخمس وستين درجة‏.‏

ثم تنقل إلى السنبلة فينقص النهار فيها كل يوم نصف درجة ويزيد الليل كذلك فيكون نقص النهار فيها لمدة ثلاثين يوماً خمس عشرة درجة وزيادة الليل كذلك ويصير النهار بآخرها على مائة وثمانين درجة والليل كذلك فيستوي الليل والنهار ويسمى الاعتدال الخريفي‏:‏ لوقوعه في أول الخريف ويسمى سير الشمس في هذه البروج الثلاثة شمالياً هابطاً لهبوطها في الجهة الشمالية‏.‏

ثم تنقل إلى الميزان في الثامن عشر من توت من شهور القبط وهي آخذة في الهبوط والنهار في النقص والليل في الزيادة فينقص النهار فيه كل يوم نصف درجة ويزيد الليل كذلك فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس عشرة درجة وزيادة الليل كذلك ويصر النهار بآخره على مائة وخمس وستين درجة الليل على مائة وخمس وتسعين درجة‏.‏

ثم تنقل إلى العقرب فينقص النهار في كل يوم ثلث درجة ويزيد الليل كذلك فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً عشر درجات وزيادة الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وخمسين درجة والليل على مائتين وخمس درجات‏.‏

ثم تنقل إلى القوس فينقص النهار فيه كل يوم سدس درجة ويزيد الليل كذلك فيكون نقص النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس درجات وزيادة الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائة وخمسين درجة والليل على مائتين وعشر درجات وهو أقصر يوم في السنة وأطول ليلة في السنة وذلك غاية هبوطها في الجهة الجنوبية‏.‏

ويسمى سير الشمس في هذه البروج جنوبياً هابطاً لهبوطها في الجهة الجنوبية‏.‏

ثم تنقل إلى الجدي في السابع عشر من كيهك وتكر رجاجة فتأخذ في الارتفاع ويأخذ النهار في الزيادة والليل في النقصان فيزيد النهار فيه كل يوم سدس درجة‏.‏

وينقص الليل كذلك فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس درجات ونقص الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وخمسين درجة والليل على مائتين وخمس درجات‏.‏

ثم تنقل إلى الدلو فيزيد النهار فيه كل يوم ثلث درجة وينقص الليل كذلك فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً عشر درجات ونقص الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائة وخمس وستين درجة والليل على مائة وخمس وتسعين درجة‏.‏

ثم تنقل إلى الحوت فيزيد النهار فيه كل يوم نصف درجة وينقص الليل كذلك فتكون زيادة النهار فيه لمدة ثلاثين يوماً خمس عشرة درجة ونقص الليل كذلك ويصير النهار بآخره على مائة وثمانين درجة والليل كذلك فيستوي الليل والنهار وهو رأس الحمل وقد تقدم‏.‏

ويسمى سير الشمس في هذه البروج الثلاثة جنوبياً صاعداً لصعودها في الجهة الجنوبية وهذا شأنها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين‏.‏

وهذا العمل إنما هو في مصر وأعمالها فإذا اختلفت العروض كان الأمر في الزيادة والنقصان بخلاف ذلك والله أعلم‏.‏

تنبيه‏:‏ إذا أردت أن تعرف الشمس في أي برج من البروج وكم قطعت منه في أي وقت شئت فأقرب الطرق في ذلك أن تعرف الشهر الذي أنت فيه من شهور القبط وتعرف أمسه‏.‏

في بيان ما يعرف به ابتداء الليل والنهار وقد تقدم أن النهار الطبيعي أوله طلوع الشمس وآخره غروبها والنهار الشرعي أوله طلوع الفجر الثاني وآخره غروب الشمس فيخالفه في الابتداء ويوافقه في الانتهاء وطلوع الشمس وغروبها ظاهر يعرفه الخاص والعام أما الفجر فإن أمره خفي لا يعرفه كل أحد وقد تقدم انقسامه إلى كاذب‏:‏ وهو الأول وصادق‏:‏ وهو الثاني وعليه التعويل في الشرعيات فيحتاج إلى موضح يوضحه ويظهره للعيان وقد جعل المنجمون وعلماء الميقات له نجوماً تدل عليه بالطلوع والغروب والتوسط وهي منازل القمر وعدتها ثمان وعشرون منزلة وهي الشرطان والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والخرتان والصرفة والعواء والسماك والغفر والزبانان والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية والفرغ المقدم والفرغ المؤخر وبطن الحوت‏.‏

والمعنى في ذلك أن الشمس إذا قربت من كوكب من الكواكب الثابتة أو المتحركة سترته وأخفته عن العيون فصار يظهر نهاراً ويختفي ليلاً ويكون خفاؤه غيبة له ولا يزال كذلك خافياً إلى أن تبعد عنه الشمس بعداً يمكن أن يظهر معه للأبصار وهو عند أول طلوع الفجر فإن ضوء الشمس يكون ضعيفاً حينئذ فلا يغلب نور الكوكب فيرى الكوكب في الأفق الشرقي ظاهراً وحصة كل منزلة من هذه المنازل من السنة ثلاثة عشر يوماً وربع سبع يوم ونصف ثمن سبع يوم على التقريب كما سيأتي على المنازل الثمانية والعشرين خص كل منزلة ما ذكر العدد والكسور ولما كان الأمر كذلك جعل لكل منزلة ثلاثة عشر يوماً وهي ثلاث عشرة درجة من درج الفلك وجمع ما فضل من الكسور على كل ثلاثة عشر يوماً بعد انقضاء أيام المنازل الثمانية والعشرين فكان يوماً وربعاً فجعل يوماً في المنزلة التي توافق آخر السنة وهي الجبهة فكان حصتها أربعة عشر يوماً وبقي ربع يوم ونسيء أربع سنين حتى صار يوماً فزيد أيضاً فكانت كواكب المنازل المذكورة تطلع مع الفجر منها أربعة عشر يوماً ثلاث سنين وفي السنة الرابعة تطلع بالفجر خمس عشر يوماً‏.‏

فأما الشرطان وهما المنزلة الأولى فأول طلوعهما بالفجر في الثالث والعشرين من برمودة من شهور القبط وهو الثامن عشر من نيسان من شهور السريان‏.‏

وأما البطين وهو المنزلة الثانية فأول طلوعه بالفجر في السادس من بشنس من شهور القبط وهو أول يوم من أيار من شهور السريان‏.‏

وأما الثريا وهي المنزلة الثالثة فأول طلوعها بالفجر في التاسع عشر من بشنس من شهور القبط وهو الرابع عشر من أيار من شهور السريان‏.‏

وأما الدبران وهو المنزلة الرابعة فطلوعها بالفجر في الثاني من بؤنة من شهور القبط وهو السادس والعشرون من أيار من شهور السريان‏.‏

وأما الهقعة وهي المنزلة الخامسة فأول طلوعها بالفجر في الخامس عشر من بؤنة من شهور القبط وهي التاسع من حزيران من شهور السريان‏.‏

وأما الهنعة وهي المنزلة السادسة فأول طلوعها بالفجر في الثامن والعشرين من بؤنة من شهور القبط وهو الثاني والعشرون من حزيران من شهور السريان‏.‏

وأما الذراع وهو المنزلة السابعة فأول طلوعه بالفجر في الحادي عشر من أبيب من شهور القبط وهو الثامن عشر من تموز من شهور السريان‏.‏

وأما النثرة وهي المنزلة الثامنة فأول طلوعها بالفجر في الرابع والعشرين من أبيب من شهور القبط وهو الثامن عشر من تموز من شهور السريان‏.‏

وأما الطرف وهو المنزلة التاسعة فأول طلوعه بالفجر في السابع من مسرى من شهور القبط وهو اليوم الآخر من تموز من شهور السريان‏.‏

وأما الجهة وهي المنزلة العاشرة فأول طلوعها بالفجر في العشرين من مسرى من شهور القبط وهو الثالث عشر من آب من شهور السريان‏.‏

وأما الخرتان وهو المنزلة الحادية عشرة فأول طلوعه بالفجر في الرابع من أيام النسيء القبطي وفي السنة الكبيسة في الخامس منه وهو السابع والعشرون من آب من شهور السريان‏.‏

وأما الصرفة وهي المنزلة الثانية عشرة فأول طلوعها بالفجر في الثامن عشر من توت من شهور القبط وهو التاسع من أيلول من شهور السريان‏.‏

وأما الغواء وهي المنزلة الثالثة عشرة فأول طلوعها بالفجر في الخامس والعشرين من توت من شهور القبط وفي الثاني والعشرين من أيلول ن شهور السريان‏.‏

وأما السماك وهي المنزلة الرابعة عشرة فأول طلوعها بالفجر في الثامن من بابه من شهور القبط وهو الخامس من تشرين الأول من شهور السريان‏.‏

وأما الغفر وهي المنزلة الخامسة عشرة فأول طلوعها بالفجر في الحادي والعشرين من باه من شهور القبط وهو الثامن عشر من تشرين الأول من شهور السريان‏.‏

وأما الزبانان وهما المنزلة السادسة عشرة فأول طلوعهما بالفجر في الرابع من هاتور من شهور القبط وهو آخر يوم من تشرين الأول من شهور السريان‏.‏

وأما الإكليل وهو المنزلة السابعة عشرة فأول طلوعه بالفجر في السابع عشر من هاتور من شهور القبط وهو الثالث عشر من تشرين الثاني من شهور السريان‏.‏

وأما القلب وهو المنزلة الثامنة عشرة فأول طلوعها بالفجر في آخر يوم من هاتور من شهور القبط وهو السادس والعشرين من تشرين الثاني من شهور السريان‏.‏

وأما الشولة وهي المنزلة التاسعة عشرة فأول طلوعها بالفجر في الثالث عشر من كيهك من شهور القبط وهو التاسع من كانون الأول شهور السريان‏.‏

وأما النعائم وهي المنزلة العشرون فأول طلوعها بالفجر في السادس والعشرين من كيهك من شهور القبط وهو الثاني والعشرون من كانون الأول من شهور السريان‏.‏

وأما البلدة وهي المنزلة الحادية والعشرون فأول طلوعها بالفجر في التاسع من طوبه من شهور القبط وهو الرابع من كانون الثاني من شهور السريان‏.‏

وأما سعد الذابح وهو المنزلة الثانية والعشرون فأول طلوعها بالفجر في الثاني والعشرين من طوبه من شهور القبط وهو السابع عشر من كانون الثاني من شهور السريان‏.‏

وأما سعد بلع وهو المنزلة الثالثة والعشرون فأول طلوعها بالفجر في الخامس من أمشير من شهور القبط وهو الثلاثون من كانون الآخر من شهور السريان‏.‏

وأما سعد السعود وهو المنزلة الرابعة والعشرون فأول طلوعها بالفجر في الثامن عشر من أمشير من شهور القبط وهو الثاني عشر من شباط من شهور السريان‏.‏

وأما سعد الأخبية وهو المنزلة الخامسة والعشرون فأول طلوعها بالفجر أول يوم من برمهات من شهور القبط وهو الخامس والعشرون من شباط من شهور السريان‏.‏

وأما الفرغ المقدم وهو المنزلة السادسة والعشرون فأول طلوعها بالفجر في الرابع عشر من برمهات من شهور القبط وهو السابع من آذار من شهور السريان‏.‏

وأما الفرغ المؤخر وهو المنزلة السابعة والعشرون فأول طلوعها بالفجر في السابع والعشرين من برمهات من شهور القبط وهو الثاني والعشرون من آذار من شهور السريان‏.‏

وأما بطن الحوت وهو المنزلة الثامنة والعشرون فأول طلوعها بالفجر في العاشر من برموده من شهور القبط وهو الخامس من نيسان من شهور السريان‏.‏

وقد نظم الشيخ كمال الدين حفيد الشيخ أبي عبد الله محمد القرطبي أبياتاً يعلم منها مطالع هذه المنازل بالفجر بحروف رمزها للشهور والأعداد والكواكب وربما غلط بعض الناس فنسبها إلى الشيخ عبد العزيز الديريني رحمه الله وهي هذه‏:‏ تبيص تهكع بحس بكأغ هدز هيزاء هلق كيجش ككون برز وليس فيها من الحشوات قط سوى أواخر النظم فافهم شرحها لتعز وبيان كل ذلك أن الحرف الأول من كل كلمة اسم للشهر الذي تطلع فيه تلك المنزلة والحرف الآخر منها اسم المنزلة وما بين الآخر والأول عدد ما مضى من الشهر بحساب الجمل مثال ذلك التاء من تبيص كناية عن توت والصاد منها كناية عن الصرفة والياء والباء اللذان بينهما عددهما بالجمل اثنا عشر إذ الياء بعشرة والباء باثنتين فكأنه قال في الثاني عشر من توت تطلع منزلة الصرفة بالفجر وكذلك البواقي إلا أنه لا عبرة بأواخر البيتين وهي برز في البيت الأول ورمز في البيت الثاني‏.‏

ونظم الإمام محب الدين جار الله الطبري أبياتاً كذلك على شهور السريان وهي هذه‏:‏ تهس تحيع تلز تجيء توكق كطش كبكن نزول كدب كويذ كلب شبيس شهكح أزيم أبكم ألول نهب نحيش أآب أوكد حطت حبكة صجول والحال في هذه الكلمات من أوائل الأبيات وأواخرها وأوساطها كالحال في الأبيات المتقدمة فالتاء من تهس إشارة لتشرين الأول والسين إشارة للسماك والهاء بينهما بخمسة ففي الخامس من تشرين الأول يطلع السماك وعلى هذا الترتيب في البواقي‏.‏

واعلم أن هذه المنازل لا تزال أربع عشرة منزلة منها ظاهرة فوق الأرض في نصف الفلك وأربع عشر منزلة منها خافية تحت الأرض في نصف الفلك وهي مراقبة بعضها لبعض لاستواء مقادير أبعادها فإذا طلعت واحدة في الأفق الشرقي غربت واحدة في الأفق الغربي وكانت أخرى متوسطة في وسط الفلك فهي كذلك أبداً‏.‏

والقاعدة في معرفة ذلك أنك تبتدئ بأية منزلة شئت وتعد منها ثمانية من الطالع فالثامنة هي المتوسطة والخامسة عشرة هي الغاربة فإذا كان الطالع الشرطين فالمتوسط النثرة والغارب الغفر وكذلك في جميع المنازل وفي مراقبة الطالع منها للغارب يقول بعض الشعراء مقيداً لها على الترتيب بادئاً بطلوع النطح وهو الشرطان وغروب الغفر حينئذ‏:‏ كم أمالوا من ناطح باعتفار وأحالوا على البطين الزباني والثريا تكللت فرأينا ال قلب منها يشعر الدبرانا هقعوا شولة وهنعوا نعاماً بعد ما ذرعوا البلاد زمانا نثروا ذبحهم بطرف بليع جبهة السعد في خرات خبانا فانصرفنا وفي المقدم عوا آخراً والسماك مد رشانا وقال آخر‏:‏ والقلب للدبران خل عاذر من أجل هقعة شولة ما قيلا تهوى الهنيعة للنعائم مثل ما ينوي الذراع لبلدة ترجيلا والنثر يذبح عند طرف بلوعه ولجبهة سعد غدا منقولا ولزبرة وسط الخباء إقامة فاصرف مقدم ذكرها تعجيلا يهوي المؤخران إن سماك مرة مد الرشا لجيده تنكيلا وقد نظم صاحبنا الشيخ إبراهيم الدهشوري الشهير بالسهروردي أرجوزة ذكر فيها الطالع ثم الغارب في بيت وبعده المتوسط ثم الوتد وهو الذي يقابله تحت الأرض في بيت ثان قال‏:‏ بطينها نور الزبانين خلع فناعس الطرف رمى سعد بلع ثريا مع الإكليل بالوقود تنور الجبهة في السعود والدبران القلب منه يخفق فالخرتان للخباء يطرق وهقعة شولتها منهزمه وصرفة بفرغها مقدمه وهنعة منها النعائم نفرت بعوة بالفرغ قد تأخرت رمى الذراع بلدة أصابها سماك بطن الحوت ما أصابها في ساعات الليل والنهار قال أصحاب الهيئة‏:‏ لما كان الفلك متحركاً حركات متعددة يتلو بعضها بعضاً جعل مقدار كل حركة منها يوماً ولما كانت الشمس في حركة من هذه الحركات تارة تكون ظاهرة لأهل الربع المعورة وتارة مستترة عنهم بحدبة الأرض انقسم لذلك مقدار تلك الحركة إلى الليل والنهار فالنهار عبارة عن الوقت الذي تظهر فيه الشمس على ساكن ذلك الموضع من المعمور والليل عبارة عن الوقت الذي تخفى عنهم فيه فإنه يوجد وقت الصبح في موضع وقت طلوع الشمس في موضع آخر وفي موضع آخر وقت الظهر وفي موضع آخر وقت المغرب وفي موضع آخر وقت نصف الليل‏.‏

ولما كانت منطقة البروج مقسومة إلى اثني عشر برجاً وكل برج إلى ثلاثين درجة وكانت الشمس تقطع هذه المنطقة بحركة فلك الكل لها في زمان اليوم الجامع لليل والنهار قسم كل واحد منهما إلى اثني عشر جزءاً وجعل قسط كل جزء منها خمس عشرة درجة وسمي ساعة‏.‏

ثم لما كان الليل والنهار يزيد أحدهما على الآخر ويتساويان في الاعتدالين على ما مر اضطر إلى أن تكون الساعات نوعين‏:‏ مستوية وتسمى المعتدلة وزمانية وتسمى المعوجة‏.‏

فالمستوية تختلف أعدادها في الليل والنهار وتتفق مقاديرها بحسب طول النهار وقصره فإنه إن طال كانت ساعاته أكثر وإن قصر كانت ساعاته أقل مقدار كل ساعة منه خمس عشرة درجة لا تزيد ولا تنقص والمعوجة تتفق أعدادها وتختلف مقاديرها فإن زمان النهار طال أو قصر ينقسم أباداً إلى اثنتي عشرة ساعة مقدار كل واحدة منها نصف سدس الليل والنهار وهي في النهار الطويل أطول منها في القصي‏.‏

والذي كانت العرب تعرفه من ذلك الزمانية دون المستوية فكانوا يقسمون كلاً من الليل والنهار إلى اثنتي عشرة ساعة ووضعوا لكل ساعة من ساعات الليل والنهار أسماء تخصها‏.‏

فأما ساعات الليل فسموا الأول منها الشاهد والثانية الغسق والثالثة العتمة والرابعة الفحمة والخامسة الموهن والسادسة القطع والسابعة الجوشن والثامنة الهتكة والتاسعة التباشير والحادية عشرة الفجر الأول والثانية عشرة الفجر المعترض‏.‏

فأما النهار فسموا الساعة الأولى منه الذرور والثانية البزوغ والثالثة الضحى والرابعة الغزالة والخامسة الهاجرة والسادسة الزوال والسابعة الدلوك والثامنة العصر والتاسعة الأصيل والعاشرة الصبوب والحادية عشرة الحدود والثانية عشرة الغروب‏.‏

وتروى عنهم على وجه آخر فيقال فيها‏:‏ البكور ثم الشروق ثم الإشراق ثم الرأد ثم الضحى ثم المتوع ثم الهاجرة ثم الأصيل ثم العصر ثم الطًّفَل بتحريك الفاء ثم العشي ثم الغروب ذكرهما ابن النحاس في صناعة الكتاب‏.‏

قال في مناهج الفكر‏:‏ ويقال إن أول من قسم النهار إلى اثنتي عشرة ساعة آدم عليه السلام وضمن ذلك وصية لابنه شيث عليه السلام وعرفه ما وظف عليه كل ساعة من عمل وعبادة والله أعلم‏.‏

الجملة السادسة في أيام الأسبوع وفيها أربعة مدارك المدرك الأول في ابتداء خلقها وأصل وجودها وقد نطق القرآن الكريم بذكر ستة أيام منها على الإجمال والتفصيل أما الإجمال فقال تعالى‏:‏ ‏"‏ وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ‏"‏‏.‏

وأما التفصيل فقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين ‏"‏ والمراد بالأربعة الأولى بما فيها من اليومين المتقدمين ومثله في كلام العرب كثير ومنه قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إذا نام أحدكم جاء الشيطان فعقد تحت رأسه ثلاث عقد فإذا استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة فإذا توضأ انحلت عقدتان فإذا صلى انحلت الثالثة ‏"‏ فالمراد بقوله عقدتان عقدة والعقدة الأولى وقد ظهر بذلك أن المراد من الآية ستة أيام فقط وهو ما ورد به صريح الآيات في غير هذه الآية أن خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وقد ورد ذلك مبيناً فيما رواه ابن جرير من رواية ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله عن خلق السموات والأرض فقال‏:‏ ‏"‏ خلق الله الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع وخلق يوم الأربعاء المدائن والشجر والعمران والخراب فهذه أربعة أيام وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقيت منه وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة ‏"‏ قالت اليهود‏:‏ ثم ماذا قال‏:‏ ‏"‏ ثم استوى على العرش ‏"‏ قالوا‏:‏ أصبت لو أتممت قالوا‏:‏ ثم استراح فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً فنزل ‏"‏ ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ‏"‏ قال الشيخ عماد الدين بن كثير في تفسيره‏:‏ وفيه غرابة ولا ذكر في هذا الحديث ليوم السبت في أول الخلق ولا في آخره نعم ثبت في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال‏:‏ أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال‏:‏ ‏"‏ خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل ‏"‏ قال ابن كثير‏:‏ وهو من غرائب الصحيح وعلله البخاري في تاريخه فقال‏:‏ رواه بعضهم عن أبي هريرة عن كعب الأحبار وهو أصح فقد ورد التصريح في هذا الحديث بذكر الأيام السبعة ووقوع الخلق فيها‏.‏

قال أبو جعفر النحاس‏:‏ زعم محمد بن إسحاق أن هذا الحديث أولى من الحديث الذي قبله واستدل بأن الفراغ كان يوم الجمعة وخالفه غيره من العلماء الحذاق النظار‏.‏

وقالوا‏:‏ دليله دليل على خطئه لأن الخلق في ستة أيام يوم الجمعة منها كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الجماعة فلو لم يدخل في الأيام لكان الخلق في سبعة وهو خلاف ما جاء به التنزيل على أن أكثر أهل العلم على حديث ابن عباس فتبين أن الابتداء يوم الأحد إذ كان الآخر يوم الجمعة وذلك ستة أيام كما في التنزيل‏.‏

قال أبو جعفر‏:‏ على أن الحديثين ليسا بمتناقضين لأنا إن عملنا على الابتداء بالأحد فالخلق في ستة أيام وليس في التنزيل أنه لا يخلق بعدها شيئاً وإن عملنا على الابتداء بالسبت فليس في التنزيل أنه لم يخلق قبلها شيئاً‏.‏

إذا علمت ذلك فقد حكى أبو جعفر النحاس أن مقدار كل يوم من أيام خلق السموات والأرض ألف سنة من أيام الدنيا وأنه كان بين ابتدائه عز وجل في خلق ذلك وخلق القلم الذي أمره بكتابة كل ما هو كائن إلى قيام الساعة يوم وهو ألف عام فصار من ابتداء الخلق إلى انتهائه سبعة آلاف عام وعليه يدل قول ابن عباس‏:‏ إن مدة إقامة الخلق إلى قيام الساعة سبعة أيام كما كان الخلق في سبعة أيام‏.‏

قال أبو جعفر‏:‏ وهذا باب مداره على النقل دون الآراء‏.‏

المدرك الثاني في أسمائها‏.‏

وقد اختلف في ذلك على ثلاث روايات الرواية الأولى‏:‏ ما نطقت به العرب المستعربة من ولد إسماعيل عليه السلام وجرى عليه الاستعمال إلى الآن‏:‏ وهو الأحد والاثنان والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة والسبت‏.‏

والأصل في ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال‏:‏ ‏"‏ إن الله عز وجل خلق يوماً واحداً فسماه الأحد ثم خلق ثانياً فسماه الاثنين ثم خلق ثالثاً فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعاً فسماه الأربعاء ثم خلق خامساً فسماه الخميس ‏"‏‏.‏

ولا ذكر في هذه الرواية للجمعة والسبت‏.‏

وقد ذكرهما الله تعالى في كتابه العزيز قال تعالى‏:‏ ‏"‏ يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ‏"‏ وقال جل وعز‏:‏ ‏"‏ إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ‏"‏‏.‏

وسيأتيان في غير هذه الرواية عند ذكر الاختلاف فيما ابتدئ فيه الخلق منها‏.‏

فالأحد بمعنى واحد ويقال بمعنى أول ورجحه النحاس وهو المطابق لتسمية الثاني بالاثنين والثالث بالثلاثاء وقيل أصله وحد بفتح الواو والحاء كما أن أناة أصلها وناة ويجمع في القلة على آحاد وأحدات وفي الكثرة على أحود وأوحاد ويحكى في جمعه أحد أيضاً قال النحاس‏:‏ كأنه جمع الجمع‏.‏

والاثنان بمعنى الثاني‏.‏

قال النحاس‏:‏ وسبيله ألا يثنى وأن يقال فيه‏:‏ مضت أيام الاثنين إلا أن تقول ذوات قال‏:‏ وقد حكى البصريون الأثن والجميع الثني‏.‏

وقال ابن قتيبة في أدب الكاتب‏:‏ إن شئت أن تجمعه فكأنه مبني للواحد قلت أثانين‏.‏

وحكى النحاس مثله عن كتاب الفراء في الأيام وقال‏:‏ إنما يجوز على حيلة بعيدة وهي أن يقال‏:‏ اليوم الاثنانُ فتضم النون فتصير مائل عمران فتثنيه وتجمعه على هذا‏.‏

وحكي عن الفراء أيضاً في جمع الكثرة أثان فتقول مضت أثانٍ مثل أسماء وأسامٍ قال‏:‏ وقرأت على أبي إسحاق في كتاب سيبويه فيما حكاه اليوم الثني فتقول على هذا في الجمع الأثناء‏.‏

والثلاثاء بمعنى الثالث ويجمع على ثلاثاوات وحكى الفراء أثالث قال النحاس‏:‏ ويجوز أثاليثُ وكذا ثلاثثُ مثل جمع ثلاثة لأن ألفي التأنيث كالهاء وتقول فيه‏:‏ مضت الثلاثاء على تأنيث مثل جمع ثلاثة لأن ألفي التأنيث كالهاء وتقول فيه‏:‏ مضت الثلاثاء على تأنيث اللفظ ومضى على تذكير اليوم وكذا في الجمع تقول مضت ثلاث ثلاثاوات وثلاثة ثلاثاوات‏.‏

والأربعاء بمعنى الرابع ويجمع على أربعاوات وكذا أرابيع والياء فيه عوض ما حذف فإن لم تعوض قلت أرابع وأجاز الفراء أربعاءات مثل ثلاثاءات ومنعه البصريون للفرق بين ألف التأنيث وغيرها‏.‏

والخميس بمعنى الخامس ويجمع في القلة على أخمسة وفي الكثرة على خمس وخمسان كرعف ورعفان ويقال أخمساء كأنصباء وحكي عن الفراء في الكثرة أخامس‏.‏

والجمعة بضم الميم وإسكانها ومعناها الجمع واختلف في سبب تسميته بذلك فقال النحاس‏:‏ لاجتماع الخلق فيه وهذا ظاهر في أن الاسم كان بها قديماً وقيل لاجتماع الناس للصلاة فيه ثم اختلف فقيل سميت بذلك في الجاهلية واحتج له بما حكاه أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل‏:‏ أن أول من سمى الجمعة جمعة كعب بن لؤي جد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنه جمع قريشاً وخطبهم فسميت جمعة وكانوا لا يعرفون قبل ذلك إلا العروبة‏.‏

وقيل إنما سميت بذلك في الإسلام وذلك أن الأنصار قالوا‏:‏ إن لليهود يوماً يجتمعون فيه بعد كل ستة أيام وللنصارى كذلك فهلموا نجعل لنا يوماً نجتمع فيه نذكر الله تعالى ونصلي فقالوا يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوا يوم العروبة لنا فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة الأنصاري فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه فأنزل الله تعالى سورة الجمعة‏.‏

على أن السهيلي قد قال في الروض الأنف‏:‏ إن يوم الجمعة كان يسمى بهذا الاسم قبل أن يصلي الأنصار الجمعة‏.‏

أما أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حكاه صاحب الأوائل فإنه لما قدم المدينة مهاجراً نزل على بني عمرو بن عوف وأقام عندهم أياماً ثم خرج يوم الجمعة عائداً إلى المدينة فأدركته الصلاة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم فخطب وصلى بهم الجمعة‏.‏

وتجمع على جمع وجمعات بالفتح والتسكين‏.‏

والسبت ومعناه القطع بمعنى قطع فيه الخلق على رأي من يرى أن السبت آخر أيام الجمعة وأنه لا خلق فيه على ما سيأتي ذكره‏.‏

وقول النحاس إنه مشتق من الراحة أيضاً لا عبرة به لمضاهاة قول اليهود فيه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى‏.‏

ويجمع في القلة على أسبت وسبتات بالتحريك وفي الكثرة على سُبُوت بضم السين مثل قَرْح وقُرُوح‏.‏

الرواية الثانية‏:‏ ما يروى عن العرب العاربة من بني قحطان وجرهم الأولى‏:‏ وهو أنهم كانوا يسمون الأحد الأول لأنه أول أعداد الأيام ويسمون الاثنين أهون أخذاً من الهمون والهوينى وأوهد أيضاً أخذ من الوهدة وهي المكان المنخفض من الأرض لانخفاضه عن اليوم الأول في العدد‏.‏

ويسمون الثلاثاء جُباراً بضم الجيم لأنه جبر به العدد‏.‏

ويسمون الأربعاء دُباراً بضم الدال المهملة لأنه دبر ما جبر به العدد بمعنى أنه جاء دبره ويسمون الخميس مؤنساً يؤنس به لبركته قال النحاس‏:‏ ولم يزل ذلك أيضاً في الإسلام وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتبرك به ولا يسافر إلا فيه وقال‏:‏ ‏"‏ اللهم بارك لأمتي في بكورها يومن خمسها ‏"‏ ويسمون الجمعة العَروبة بفتح العين مع الألف واللام وفي لغة شاذة عَروبة بغير ألف ولام مع عدم الصرف ومعناه اليوم البين أخذاً من قولهم‏:‏ أعرب إذا أبان والجواد أنه بين العظمة والشرف إذ لم يزل معظماً عند أهل كل ملة وجاء الإسلام فزاده تعظيماً وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه دخل الجنة وفيه أخرج منها ‏"‏‏.‏

ويسمونه أيضاً حربة بمعنى أنه مرتفع عال كالحربة التي هي كالرمح كما يقال محراب لارتفاعه وعلو مكانته ويسمون السبت شَياراً بفتح الشين المعجمة وكسرها مع الياء المثناة تحت أخذاً من شرت الشيء إذا استخرجته وأظهرته من مكانه إما بمعنى أنه استخرج من الأيام التي وقع فيها الخق على مذهب من يرى أنه آخر أيام الأسبوع وأن ابتداء الخلق الأحد وانتهاءه الجمعة وإما بمعنى أنه ظهر أول أيام الجمعة على مذهب من يرى أنه أول الجمعة وكان ابتداء الخلق فيه وإلى هذه الأسماء يشير النابغة بقوله‏:‏ أؤمل أن أعيش وأن يومي لأول أو لأهون أو جبار أو التالي دبار فإن أفته فمونس أو عروبة أو شيار الرواية الثالثة‏:‏ ما حكاه النحاس عن الضحاك‏:‏ أن الله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام ليس منها يوم إلا له اسم‏:‏ أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت‏.‏

وقد حكى السهيلي رحمه الله أن الأسماء المتداولة بين الناس الآن مروية عن أهل الكتاب وأن العرب المستعربة لما جاورتهم أخذتها عنهم وأن الناس قبل ذلك لم يكونا يعرفون إلا الأسماء التي وضعتها العرب العاربة وهي أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت التي خلق الله تعالى فيها سائر المخلوقات‏:‏ علويها وسفليها‏.‏

وهذا يخالف ما تقدم في الرواية الثانية عن العرب العاربة وعلى أنها أسماء للأيام التي وقع فيه الخلق يحتمل أن يكون أبجد اسماً لأحد على مذهب من يرى أن ابتداء الخلق المدرك الثالث في بيان أول أيام الأسبوع‏.‏

وما كان فيه ابتداء الخلق منها‏.‏

وقد اختلف الناس في ذلك على ثلاثة مذاهب‏.‏

المذهب الأول‏:‏ أن أول أيام الأسبوع وابتداء الخلق الأحد‏.‏

واحتج لذلك بما تقدم من حديث ابن عباس أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن خلق السموات والأرض فقال‏:‏ ‏"‏ خلق الله عز وجل الأرض يوم الأحد ‏"‏ الحديث وبحديثه الآخر‏:‏ ‏"‏ خلق الله يوماً واحداً فسماه الأحد ‏"‏ وإذا كان ابتداء الخلق الأحد لزم أن يكون أول الأسبوع الأحد‏.‏

المذهب الثاني‏:‏ أن أول أيام الأسبوع وابتداء الخلق السبت‏.‏

واحتج له بحديث أبي هريرة المتقدم ‏"‏ أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال‏:‏ خلق الله التربة يوم السبت ‏"‏ الحديث وإذا كان ابتداء الخلق السبت لزم أن يكون أول الأسبوع السبت‏.‏

المذهب الثالث‏:‏ أن أول أيام الأسبوع الأحد لحديث ‏"‏ خلق الله يوماً واحداً فسماه الأحد ثم خلق ثانياً فسماه الاثنين ‏"‏ الحديث‏.‏

وابتداء الخلق يوم السبت لحديث أبي هريرة المتقدم‏.‏

قال النحاس‏:‏ وهذا أحسنها‏.‏

المدرك الرابع في التفاؤل بأيام الأسبوع والتطير بها وما يعزى لكل منها من خير أو شر‏.‏

على ما هو مداول بين الناس واعلم أنه لا أصل لذلك من الشريعة ولم يرد فيه نص من كتاب ولا سنة‏.‏

وقد وردت القرعة عن جعفر الصادق رضي الله عنه في توزيع الأعمال على الأيام أنه قال‏:‏ السبت يوم مكر وخديعة ويوم الأحد يوم غرس وعمارة ويوم الاثنين يوم سفر وتجارة ويوم الثلاثاء يوم إراقة دم وحرب ومكافحة ويوم الأربعاء يوم أخذ وعطاء ويقال‏:‏ يم نحس مستمر ويم الخميس يوم دخول على الأمراء وطلب الحاجات ويوم الجمعة يوم خلوة ونكاح‏.‏

ووجهوا هذه الدعوى بأن قريشاً مكرت في دار الندوة يوم السبت وأن الله ابتدأ الخلق يوم الأحد وأن شعيباً سافر للتجارة يوم الاثنين وأن حواء حاضت يوم الثلاثاء وفيه قتل قابيل هابيل أخاه وأن فرعون غرق هو وقومه يوم الأربعاء وفيه أهلك الله عاداً وثموداً وأن إبراهيم دخل على النمرود يوم الخميس وأن الأنبياء عليهم السلام كانت تنكح وتخطب يوم الجمعة‏.‏

وقد نظم بعض الشعراء هذه الاختيارات في أبيات وإن كان قد خالف الواضع في مواضع فقال‏:‏ لنعم اليوم يوم السبت حقاً لصيد إن أردت بلا امتراء وفي الأحد البناء فإن فيه تبدى الله في خلق السماء وفي الاثنين إن سافرت فيه سترجع بالنجاح وبالغناء وإن ترد الحجامة في الثلاثاء ففي ساعاته هرق الدماء وإن شرب امرؤ منكم دواء فنعم اليوم يوم الأربعاء ويوم الجمعة التزويج حقاً ولذات الرجال مع النساء وسيأتي الكلام على ما يتعلق من ذلك بأيام الشهر في الكلام على الشهور في الفصل السابع من الكتاب إن شاء الله تعالى‏.‏

الطرف الثاني في الشهور وهي على قسمين طبيعي واصطلاحي القسم الأول الطبيعي والمراد به القمري وهو مدة مسير القمر من حين يفارق الشمس إلى حين يفارقها مرة أخرى وهي على ضربين‏:‏ الضرب الأول شهور العرب والشهر العربي عبارة عما بين رؤية الهلال إلى رؤيته ثانياً وعدد أيامه تسعة وعشرون يوماً ونصف يوم على التقريب ولما كان هذا الكسر في العدد عسراً عدوا جملة الشهرين تسعة وخمسين يوماً أحدهما ثلاثون وهو التام والآخر تسعة وعشرون وهو الناقص‏.‏

وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف لا يدخل على بعض نسائه شهراً فلما مضى تسعة وعشرون غدا عليهم أو راح فقيل‏:‏ يا رسول الله حلفت لا تدخل عليهن شهراً فقال‏:‏ ‏"‏ الشهر يكون تسعة وعشرين ‏"‏ وذلك بحسب مسير النيرين‏:‏ الشمس والقمر بالمسير الأوسط أما بالمسير المقوم فإنه يتفق إذا استكمل الشهر برؤية الهلال عياناً أن يتوالى شهران وثلاثة تامة وتتوالى كذلك ناقصة وعلى ذلك عمل العرب واليهود‏.‏

ولهم في استعماله طريقتان‏:‏ الطريقة الأولى طريقة العرب ومدة الشهر عندهم من رؤية الهلال إلى رؤية الهلال وهي أسهل الطرق وأقربها وعليها جاء الشرع وبها نطق التنزيل قال تعالى‏:‏ ‏"‏ يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ‏"‏ وفيها جملتان‏:‏ الجملة الأولى في أحوال الأهلة التي عليها مدار الشهور في ابتدائها وانتهائها واعلم أن مسير القمر مقدر بمعرفة الشهور والسنين قال تعالى‏:‏ ‏"‏ فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب ‏"‏ والشمس تعطيه في كل ليلة ما يستضيء به نصف سبع قرصه حتى لا يبقى فيه نور فيستتر‏.‏

ويروى عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه سئل عن القمر فقال‏:‏ يمحق كل ليلة ويولد جديداً ويبعد مثل هذا عن جعفر الصادق‏.‏

إذا علمت ذلك فللقمر حركتان‏:‏ سريعة وبطيئة كما تقدم في الشمس‏.‏

أما الحركة السريعة فحركة فلك الكل به من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق في اليوم والليلة‏.‏

واعلم أن الهلال إذا طلع مع غروب الشمس كان مغيبه على مضي ستة أسباع ساعة من الليل ولا يزال مغيبه يتأخر عن مغيبه في كل ليلة ماضية هذا المقدار حتى يكون مغيبه في الليلة السابعة نصف الليل وفي الليلة الرابعة عشرة طلوع الشمس ثم يكون طلوعه في الليلة الخامسة عشرة على مضي ستة أسباع ساعة منها ولا يزال طلوعه يتأخر عن طلوعه في كل ليلة ماضية بعد الإبدار هذا المقدار حتى يكون طلوعه ليلة إحدى وعشرين نصف الليل وطلوعه ليلة ثمان وعشرين مع الغداة‏.‏

وإذا أردت أن تعلم على مضي كم من الساعات يغيب أو يطلع من الليل فإن أردت المغيب وكان قد مضى من الشهر خمس ليال تقديراً فاضربها في ستة تكون ثلاثين فأسقطها سبعة سبعة يبقى اثنان فيكون مغيبه على مضي أربع ساعات وثلاثة أسباع ساعة وكذلك العمل فلفي أي ليلة شئت وإن أردت الطلوع وكان قد مضى من الإبدار ست ليال مثلاً فاضرب ستة في ستة يكون ستة وثلاثين فأسقطها سبعة سبعة يبقى واحد فيكون طلوعه على خمس ساعات وسبع وكذلك العمل في أي ليلة شئت‏.‏

وقد قسمت العرب ليالي الشهر بعد استهلاله كل ثلاثة أيام قسماً وسمتها باسم فالثلاث الأول منها هلال والثلاث الثانية قمر والثلاث الثالثة بهر والثلاث الرابعة زهر والزهر البياض والثلاث الخامسة بيض لأن الليالي تبيض بطلوع القمر فيها من أولها إلى آخرها والثلاث السادسة درع لأن أوائلها تكون سواداً وسائرها بيض والثلاث السابعة ظلم والثلاث الثامنة حنادس والثلاث التاسعة دآدئ الواحدة منها دأدأة على وزن فعللة والثلاث العاشرة ليلتان منها محاق وليلة سرار لإمحاق الشمس والقمر فيها‏.‏

ومنهم من يقول‏:‏ ثلاث غرر وغرة كل شيء أوله وثلاث شهب وثلاث زهر وثلاث تسع لأن أخر يوم منها اليوم التاسع وثلاث بهر بهر فيها ظلام الليل وثلاث بيض وثلاث درع وثلاث دهم وفحم وحنادس وثلاث دآدئ‏.‏

ويروى عنهم أنهم يسمون ليلة ثمان وعشرين الدعجاء وليلة تسع وعشرين الدهماء وليلة ثلاثين الليلاء وهم يقولون في أسجاعهم‏:‏ القمر ابن ليلة رضاع سخيلة حل أهلها برميلة وابن ليلتين حديث أمتين كذب ومين وابن ثلاث قليل اللباث وابن أربع عتمة أم ربع لا جائع ولا مرضع وابن خمس حديث وأنس وعشاء خلفات فعس وابن ست سروبت وابن سبع دلجة ضبع وحديث وجمع وابن ثمان قمر إضحيان وابن تسع محذو النسع ويقال الشسع ابن عشر مخنق الفجر وثلث الشهر‏.‏

هذا هو المحظوظ عن العرب في كثير من الكتب‏.‏

قال صاحب مناهج الفكر‏:‏ وعثرت في بعض المجاميع على زيادة إلى آخر الشهر وكأنها والله أعلم مصنوعة وهي على ألسنة العرب موضوعة وهي‏:‏ وابن إحدى عشرة يرى عشاء ويرى بكرة وابن اثنتين عشرة مرهق البشر بالبدو والحضر وابن ثلاث عشرة قمر باهر يعشي الناظر وابن أربع عشر مقبل الشباب مضيء دجنات السحاب وابن خمس عشرة تم التمام ونفدت الأيام وابن ست عشرة نقص الخلق في الغرب والشرق وابن سبع عشرة أمكنت المقفرة وابن ثمان عشرة قليل البقاء سريع الفناء وابن تسع عشرة بطيء الطلوع سريع الخشوع وابن عشرين يطلع سحرة ويغيب بكرة وابن إحدى وعشرين كالقبس يطلع في الغلس وابن اثنتين وعشرين يطيل السرى ريثما يرى وابن ثلاث وعشرين يرى في ظلمة الليال لا قمر ولا هلال وابن خمس وعشرين دنا الأجل وانقطع الأمل وابن ست وعشرين دنا ما دنا فما يرى إلا سنا وابن سبع وعشرين يشق الشمس ولا يرى له حس وابن ثمان وعشرين ضئيل صغير لا يراه إلا البصير‏.‏

وأما حركته البطيئة فحركته من جهة الشمال إلى جهة الجنوب ومن جهة الجنوب إلى جهة المال وتنقله في المنازل الثمانية وعشرين في ثمانية وعشرين يوماً بلياليلها كالشمس في البروج قال تعالى‏:‏ ‏"‏ والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ‏"‏ فما تقطعه الشمس من الشمال إلى الجنوب وبالعكس في جميع السنة يقطعه القمر في ثمانية وعشرين يوماً‏.‏

والمنازل للقمر كالبروج للشمس وذلك أنه لما اتصل إلى العرب ما حققه القدماء برصدهم من الكواكب الثابتة وكان لا غنى لهم عن معرفة كواكب ترشدهم إلى العلم بفصول السنة وأزمنتها رصدوا كواكب وامتحنوها ولم يستعملوا صور البروج على حقيقتها لأنهم قسموا فلك الكواكب على مقدار الأيام التي يقطعه القمر فيها وهي ثمانية وعشرون يوماً وطلبوا في كل قسم منها علامة تكون أبعاد ما بينها وبين العلامة الأخرى مقدار مسير القمر في يوم وليلة وسموها منزلة إلى أن تحقق لهم ثمانية وعشرون على ما تقدم ذكره في الكلام على طلوعها بالفجر لأن القمر إذا سار سيرة الوسط انتهى في اليوم التاسع والعشرين إلى المحاق الذي بدأ منه فحذفت المتكرر فبقي ثمانية وعشرون ويزاد بالشرطين لأن كواكبه من جملة كواكب الحمل الذي هو أول البروج‏.‏

ثم هذه المنازل على قسمين‏:‏ شمالي وجنوبي كما في البروج وكل قسم منها أربع عشرة منزلة‏.‏

فالشمالي منها ما كان طلوعه من ناحية الشام وتسمى الشامية وهو ما كان منها من نقطة الاعتدال التي هي رأس الحمل والميزان صاعداً إلى جهة الشمال وهي الشرطان والبطين والثريا والدبران ولاهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والخرتان والصرفة والعواء والسماك وبطلوعها يطول الليل ويقصر النهار‏.‏

الجنوبي منها ما كان طلوعه من ناحية اليمن وتسمى الميانية وهو ما كان منها من نقطة الاعتدال المذكور هابطاً إلى جهة الجنوب وهي الغفر والزبانان والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية والفرغ المقدم والفرغ المؤخر وبطن الحوت وبطلوعها يقصر الليل ويطول النهار‏.‏

ثم المنزلة عند المحققين قطعة من الفلك مقدارها ربع سبع الدور وهو جزء من ثمانية وعشرين جزءاً من الفلك عبارة عن‏.‏

لا عن الكواكب وإنما الكواكب حدود تفرق بين كل منزلة وأخرى فعدل بالتسمية إليها وغلبت عليها‏.‏

ونزول القمر في هذه المنازل على ثلاثة أحوال‏:‏ إما في المنزلة نفسها وإما فيما بينها وبين التي تليها وإما محاذياً لها خارجاً عن السمت شمالاً أو جنوباً‏.‏

وقد تقدم الكلام على عدول القمر ولتعلم أن المنازل مقسومة على البروج الأثني عشر موزعة علهيا فالشرطان والبطين وثلث الثريا للحمل وثلثا الثريا والدبران وثلثا الهقعة للثور وثلث الهقعة والهنعة والذراع للجوزاء والنثرة والطرف وثلث الجبهة للسرطان وثلثا الجبهة والخرتان وثلثا الصرفة للأسد والصرفة والعواء والسماك للسنبلة والغفر والزبان وثلث الإكليل للميزان وثلثا الإكليل والقلب وثلثا الشولة للعقرب وثلث الشولة والنعائم والبلدة للقوس وسعد الذابح وسعد بلغ وثلث سعد السعود للجدي وثلث الفرغ المقدم والفرغ المؤخر وبطن الحوت للحوت‏.‏

إذا علمت ذلك فإذ أردت أن تعرف القمر في أي منزلة هو أو كم مضى له فيها من الأيام فخذ ما مضى من سنة القبط شهوراً كانت أو أياماً أو شهوراً وأياماً وابسطها أياماً وأضف إلى ما حصل من ذلك يومين ثم اطرح الجموع ثلاثة عشر ثلاثة عشر وهو عدد لبث القمر في كل منزلة من الأيام واجعل أول كل منزلة من العدد الخرتان فما بقي من الأيام دون الثلاثة عشر فهو عدد ما مضى من المنزلة التي انتهى العدد إليها‏.‏

مثال ذلك أن يمضي من سنة القبط شهر توت وأربعة أيام من بابه فتبسطها أياماً تكون أربعة وثلاثين يوماً فتضيف إليها يومين تصير ستة وثلاثين يوماً فاطرح منها ثلاثة عشر مرتين بستة وعشرين للخرتان منها ثلاثة عشر وللصرفة ثلاثة عشر تبقى عشرة وهي ما مضى من المنزلة وإن أردت أن تعرف في أي برج هو فاحسب كم مضى من الشهر العربي يوماً وزد عليه مثله ثم زد على الجملة خمسة وأعط لكل برج خمسة وابدأ من البرج الذي فيه الشمس فأعط لكل برج خمسة فأينما نفد حسابك فالقمر في ذلك البرج والاعتماد في ذلك على كم مضى من الشهر العربي بالحساب دون الرؤية والله أعلم‏.‏

الجملة الثانية في أسمائها وفيها روايتان الرواية الأولى‏:‏ ما نطقت به العرب المستعربة وجرى عليه الاستعمال إلى الآن وقد نطق القرآن الكريم بصدقها قال تعالى‏:‏ ‏"‏ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض ‏"‏ والمراد شهور العرب الذين نزل القرآن بلغتهم ومدارها الأهلة سواء جاء الشهر ثلاثين أو تسعة وعشرين‏.‏

الشهر الأول منها المحرم سمي بذلك لأنهم كانوا يحرمون فيه القتال وبجمع على محرمات ومحارم ومحاريم‏.‏

الشهر الثاني صفر سمي بذلك لأنهم كانوا يغيرون فيه على بلاد يقال لها الصفرية ويجمع على صفرات وأصفار وصفور وصفار‏.‏

الشهر الثالث ربيع الأول سمي بذلك لأنهم كانوا يحصلون فيه ما أصابوه في صفر والربيع في اللغة الخصب وقيل لارتباعهم فيه قال النحاس‏:‏ والأول أولى بالصواب ويقال في التثنية ربيعان الأولان وفي الجمع ربيعات الأولات ومن شرط فيه إضافة شهر قال ف يالتثنية شهرا ربيع الأولان وفي الجمع شهرات ربيع الأولات والأوائل وإن شئت قلت في القليل أشهر وفي الكثير شهور وحكي عن قطرب الأربعة الأوائل وعن غيره ربع الأوائل‏.‏

الشهر الرابع ربيع الآخر والكلام في تسميته وتثنيته وجمعه كالكلام في ربيع الأول‏.‏

الشهر الخامس جمادى الأولى سمي بذلك لجمود الماء فيه لأن الوقت الذي سمي فيه بذلك كان الماء فيه جامداً لشدة البرد ويقال في التثنية جماديان الأوليان وفي الجمع جماديات الأوليات‏.‏

الشهر السادس جمادى الآخرة والكلام فيه تسمية وتثنية وجمعاً كالكلام في جمادى الأولى‏.‏

الشهر السابع رجب سمي بذلك لتعظيمهم له أخذاً من الترجيب وهو التعظيم ويجمع على رجبات وأرجاب وفي الكثرة على رجاب ورجوب‏.‏

الشهر الثامن شعبان سمي بذلك لتشعبهم فيه لكثرة الغارات عقب رجب وقيل لتشعب العود في الوقت الذي سمي فيه‏.‏

وقيل لأنه شعب بين شهري رجب ورمضان ويجمع على شعبانات وشعابة على حذف الزوائد وحكى الكوفيون شعابين قال النحاس‏:‏ وذلك خطأ على قول سيبويه كما لا يجوز عنده في جمع عثمان عثامين‏.‏

الشهر التاسع رمضان سمي بذلك أخذاً من الرمضاء لأنه وافق وقت تسميته زمن الحر ويجمع على رمضانات وحكى الكوفيون رماضين والقول فيه كالقول في شعابين ومن شرط فيه لفظ شهر قال فل التثنية‏:‏ شهرا رمضان وفي الجمع شهرات رمضان وأشهر رمضان وشهور رمضان‏.‏

الشهر العاشر شوال سمي بذلك أخذاً من شالت الإبل بأذنابها إذا حملت لكونه أول شهور الحج وقيل من شال يشول إذا ارتفع ولذلك كانت الجاهلية تكره التزويج فيه لما فيه من معنى الإشالة والرفع إلى أن جاء الإسلام بهدم ذلك قالت عائشة رضي الله عنها فيما ثبت في صحيح مسلم‏:‏ ‏"‏ تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى بي في شوال فأي نسائه كان أحظى عنده مني ‏"‏ ويجمع على شوالات وشواويل وشواول‏.‏

والشهر الحادي عشر ذو القعدة ويقال بالفتح والكسر سمي بذلك لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال لكونه من الأشهر الحرم ويجمع على ذوات القعدة وحكى الكوفيون أولات القعدة وربما قالوا في الجمع‏:‏ ذات القعدة أيضاً‏.‏

الشهر الثاني عشر ذو الحجة سمي بذلك لأن الحج فيه والكلام في جمعه كالكلام في ذي القعدة‏.‏

ثم من الأشهر المذكورة أربعة أشهر حرم كما قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ منها أربعة حرم ‏"‏ وقد اجمعت العلماء على أن الأربعة المذكورة هي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم‏.‏

وقد اختلف في الابتداء بعددها فذهب أهل المدينة إلى أنه يبتدأ بذي القعدة فيقال‏:‏ ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ويحتجون على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم عدها في خطبة حجة الوداع كذلك فقال‏:‏ ‏"‏ السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متواليات وواحد فرد‏:‏ ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ‏"‏ واختاره أبو جعفر النحاس‏.‏

وذهب أهل الكوفة إلى أنه يبتدأ بالمحرم فيقال‏:‏ المحرم رجب وذو القعدة وذو الحجة ليأتوا بها من سنة واحدة وإليه ميل الكتاب‏.‏

قال النحاس‏:‏ ولا حجة لهم فيه لأنه إذا علم أن المقصود ذكرها في كل سنة فكيف يتوهم أنها من سنتين‏.‏

وكانت العرب في الجاهلية مع ما هم عليه من الضلال والكفر يعظمون هذه الأشهر ويحرمون القتال فيها حتى لو لقي الرجل فيها قاتل أبيه لم يهجه إلى أن حدث فيهم النسيء فكانوا ينسئون المحرم فيؤخرونه إلى صفر فيحرمونه مكانه وينسئون رجباً فيؤخرونه إلى شعبان فيحرمونه مكانه ليستبحوا القتال في الأشهر الحرم‏.‏

واعلم أنه يجوز أن يضاف لفظ شهر إلى جميع الأشهر فيقال‏:‏ شهر المحرم وشهر صفر وشهر ربيع الأول وكذا في البواقي على أن منها ثلاثة أشهر لم تكد العرب تنطق بها إلا مضافة إليها وهي شهر ربيع وشهر رمضان ويؤيد ذلك في رمضان ما ورد به القرآن من إضافته قال تعالى‏:‏ ‏"‏ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ‏"‏ وقد روى عثمان بن الأسود عن مجاهد أنه قال‏:‏ ‏"‏ لا تقل رمضان ولكن قل كما قال الله عز وجل‏:‏ شهر رمضان فإنك لا تدري ما رمضان ‏"‏ وعن عطاء نحوه وأنه قال‏:‏ لعل رمضان اسم من اسماء الله تعالى لكن قد ثبت في الصحيحين من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ إذا جاء رمضان أغلقت النيران وصفدت الشياطين ‏"‏ الحديث‏.‏

وهذا صريح في جواز تعريته عن الإضافة‏.‏

وقد اختلف الناس في ذلك على ثلاثة مذاهب أصحابها أنه يجوز تعريته عن لفظ شهر مطلقاً سواء قامت قرينة أم لا فيقال جاء رمضان وصمت رمضان وما أشبه ذلك وهو ما رجحه النووي في شرح مسلم والثاني المنع مطلقاً والثالث إن حفت قرينة تدل على الشهر كما في قوله‏:‏ صمت رمضان فقد جازت التعرية وإن لم تحف قرينة لم تجز وزاد بعضهم فيما يضاف إليه لفظ شهر رجب أيضاً وقال كل شهر في أوله حرف راء فلا يقال إلا بالإضافة‏.‏

ويقال في المحرم أيضاً شهر الله المحرم ويقال في الربيعي‏:‏ ربيع الأول وربيع الآخر وفي الجماديين‏:‏ جمادى الأولى وجمادى الآخرة قال ابن مكي‏:‏ ولا يقال جمادى الأول بالتذكير وجوزه في كلامه على تثقيف اللسان‏.‏

قال النحاس‏:‏ وإنما قالوا ربيع الآخر وجمادى الآخرة ولم يقولوا ربيع الثاني وجمادى الثانية كا قالوا‏:‏ السنة الأولى والسنة الثانية لأنه إنما يقال الثاني والثانية لما له ثالث وثالثة ولما لم يكن لهذين ثالث ولا ثالثة قيل فيها الآخر والآخرة كما قيل‏:‏ الدنيا والآخرة على أن أكثر استعمال أهل الغرب على ربيع الثاني وجمادى الثانية‏.‏

ويقال في رجب الفرد‏:‏ لانفراده عن بقية الأشهر الحرم ويقال فيه أيضاً‏:‏ رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ويقال في شعبان المكرم لتكرمته وعلو قدره وفي رمضان‏:‏ المعظم والمعظم قدره لعظمته وشرفه وفي شوال المبارك للفرق بينه وبين شعبان خشية الالتباس في الكتابة ويقال في كل من ذي القعدة وذي الحجة الحرام‏.‏

قال النحاس‏:‏ وقد جاء في ذي الحجة أيضاً الأصم وروى فيه حديثاً بسنده من رواية مرة الهمداني عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ قام فينا رسول الله خطيباً على ناقة حمراء مخضرمة فقال‏:‏ أتدرون أي يوم يومكم هذا قلنا‏:‏ يوم النحر قال‏:‏ صدقتم يوم الحج الأكبر أتدرون أي شهر شهركم هذا قلنا‏:‏ ذو الحجة قال‏:‏ صدقتم شهر الله الأصم‏.‏

الرواية الثانية‏:‏ ما روي عن العرب العاربة وهو أنهم كانوا يقولون في المحرم‏:‏ المؤتمر أخذاً من أمر القوم إذا كثروا بمعنى أنهم يحرمون فيه القتال فيكثرون‏.‏

وقيل أخذاً من الائتمار بمعنى أنه يؤتمر فيه بترك الحرب ويجمع على مؤتمرات مآمر ومآمير‏.‏

ويقولن في صفر‏:‏ ناجر إما من النجر والنجار بفتح النون وكسرها الأصل بمعنى أنه أصل للحرب لأنه يبتدأ فيه بعد المحرم وما من النجر وهو السوق الشديد‏.‏

لشدة سوقهم الخيل إلى الحرب فيه ويجمع على نواجر‏.‏

ويقولون في ربيع الآخر‏:‏ وبصان أخذاً من الوبيص وهو البريق‏:‏ لبريق الحديد فيه ويجمع على وبصانات وحكى قطرب فيه بصان فيجمع على أبصنة وفي الكثرة بصنان‏.‏

ويقولون لجمادى الأولى‏:‏ حنين لأنهم يحنون فيه إلى أوطانهم لكونه كان يقع في زمن الربيع ويجمع على أحنة كرغيف ورغف‏.‏

ويقولون لجمادى الآخرة‏:‏ ربى وربة لأنه يجتمع به لجماعته ويجمع على ربيات وربايا مثل حبالى‏.‏

ومن قال ربة جمعه على مآريب‏.‏

ويقولون في رجب‏:‏ الأصم لما تقدم من أنه لا يسمع صوت السلاح ولا الاستغاثات فيه ويجمع على أصام‏.‏

قال النحاس‏:‏ ولا تقل صم لأنه ليس بنعت كما أنك لو سميت رجلاً أحمر جمعته على أحامير ولم تجمعه على حمر‏.‏

ويقولون في شعبان‏:‏ عادل بمعنى أنهم يعدلون فيه عن الإقامة لتشعبهم في القبائل ويجمع على عوادل‏.‏

ويقولون في رمضان‏:‏ ناتق لكثرة المال عندهم فيه لإغارتهم على الأموال في الذي قبله ويجمع على نواتق‏.‏

ويقولون في شوال‏:‏ وعل أخذاً من قولهم‏:‏ وعل إلى كذا إذا لجأ إليه لأنهم يهربون فيه من الغارات لأن بعده الأشهر الحرم فيلجأون فيه إلى أمكنة يتحصنون فيها ويجمع على أوعال ككتف وأكتاف وفي الكثرة وعول‏.‏

ويقولون ي ذي القعدة‏:‏ ورنة والواو فيه منقلبة عن همزة أخذاً من أرن إذا تحرك لأنه الوقت الذي يتحركون فيه إلى الحج أو من الأرون وهو الدنو لقربه من الحج ويجمع على ورنات ووران كجفان‏.‏

ويقولن ي ذي الحجة‏:‏ برك غير مصروف لأنه معدول عن بارك أو على التكثير كما يقال‏:‏ رجل حكم وهو مأخوذ من البركة لأن الحج فيه أو من برك الجمل لأنه الوقت الذي تبرك فيه الإبل للموسم ويجمع على بركان مثل نُغرٍ ونِغران‏.‏

وفي هذه الأسماء خلاف عند أهل اللغة والمشهور ما تقدم ذكره‏.‏

وقد نظم بعضهم ذلك في أبيات على الترتيب فقال‏:‏ بمؤتمر وناجر ابتدأنا وبالخوان يتبعه البصان وعادلة وناطلة جميعاً وواغلة فهم غرر حسان وورنة بعدها برك فتمت شهور الحول يغربها البيان ثم للناس في إخراج أول الشهر العربي طرق أسهلها أن تعرف أول يوم من المحرم ثم تعد كم مضى من السنة من الشهور بالشهر الذي تريد أن تعرف أوله وتقسمها نصفين فإن كان النصف صحيحاً أضفت على الجملة مثل نصفه وإن كان مكسوراً كملته وأضفته على الجملة ثم تبتدئ من أول يوم من السنة وتعد منه أياماً على توالي أسماء الأيام بعدد ما حصل معك من الأصل والمضاف فحيث انتهى عددك فذلك اليوم هو أول الشهر‏.‏

مثال ذلك في الصحيح النصف‏:‏ إن أردت أن تعرف أول يوم من شعبان وكان أول المحرم يومن الأحد مثلاً فتعد من أول المحرم إلى شعبان وتدخل شعبان في العدد فيكون ثمانية أشهر فتقسمها نصفين يكون نصفها أربعة فتضيف الأربعة إلى الثمانية تكون اثني عشر ثم تبتدئ من يوم الأحد الذي هو أول المحرم تعد الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة والسبت ثم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس فيكون انتهاء الإثني عشر في يوم الخميس فيكون أول شعبان يوم الخميس‏.‏

ومثاله في المكسور النصف‏:‏ إذا أردت أن تعرف أول رمضان أيضاً وكان أول المحرم الأحد كما تقدم فتعد ما مضى من شهور السنة وتعد منها رمضان يكون تسعة أشهر فتقسمها نصفين يكون نصفها أربعة ونصفاً فتكملها بنصف تصير خمسة فنضيفها إلى الأصل المحفوظ وهو تسعة يكون المجموع أربعة عشر ثم تبتدئ عدد الأيام من أول المحرم وهو الأحد كما تقدم فيكون انتهاء الرابع عشر في يوم السبت فيكون أول رمضان يوم السبت‏.‏

ومن الطرق المعتبرة في ذلك أن تنظر في الثالث من أيام النسيء من شهور القبط كم يوماً مضى من الشهر العربي فما كان جعلته أصلاً لتلك السنة فإاذ أردت أن تعرف أول شهر من الشهور العربية أو كم مضى من الشهر الذي أنت فيه فخذ الأصل المحفوظ معك لتلك السنة وانظر كم مضى من السنة القبطية شهراً فخذ لكل شهرين يوماً فإن انكسرت الأشهر وجاءت فرداً فاجبرها بيوم زيادة حتى تصير زوجاً وزد على ذلك يومين أصلاً أبداً ثم انظر كم يوماً مضى من الشهر القبطي الذي أنت فيه فأضفه على ما اجتمع معك وأسقط ذلك ثلاثين فما بققي فهو عدد ما مضى من الشهر العربي ومنه يعرف أوله‏.‏

ومثال ذلك‏:‏ نظرت في الثالث من أيام النسيء فوجدت الماضي من الشهر العربي ثلاثة أيام فكانت أصلاً لتلك السنة ثم نظرت في الشهور القبطية فوجدت الشهر الذي أنت فيه أمشير مثلاً فتعد من أول شهور السنة القبطية وهو توت إلى أمشير يكون ستة أشهر فتأخذ كل شهرين يوماً تكون ثلاثة أيام فتضيفها على الأصل الذي معك من أيام النسيء وهو ثلاثة تصير ستة فزد عليها اثنين يصير المجموع ثمانية ثم تنظر في الشهر القبطي الذي أنت فيه وهو أمشير تجده قد مضى منه يومان فتضيفهما على المجموع يكون عشرة وهو الماضي من الشهر العبي الذي أنت فيه ومنه يعرف أوله‏.‏

الضرب الثاني شهور اليهود والشهر عندهم من الاجتماع إلى الاجتماع وهو اقتران الشمس والقمر في آخر الشهر ولذلك توافق شهورهم في التقدير العرب ولا تخالف أوائلها إلا بيوم واحد في بعض الأحيان لأسباب في ملتهم ولكنها لا تطابق شهراً لشهر فإن شهور العرب غير مكبوسة وشهور اليهود مكبوسة وهذه الطريقة لا تعرف إلا بتقويم الكواكب ومعرفة سير الشمس والقمر ولذلك لا يعرف شهور اليهود منهم إلا الآحاد وشهورهم وهي اثنا عشر شهراً بعضها ثلاثون وبعضها تسعة وعشرون على ما يقتضيه مسير الشمس والقمر وفي السن الكبيسة تكون شهورهم ثلاثة عشر شهراً كما سيأتي وشهورهم توافق شهور السريان في بعض أسمائها دون بعض الأول تشرى الشهر الثاني مرحشوان الشهر الثالث كسلا الشهر الرابع طابات الشهر الخامس شباط الشهر السادس آذار الشهر السابع نيسان الشهر الثامن أيار الشهر التاسع سيوان الشهر العاشر تموز الشهر الحادي عشر آب الشهر الثاني عشر أيلول وفي السنة التي يكبسون فيها بعد كل سنة أو بعد كل سنتين على ما سيأتي بيانه يكبسون شهراً كاملاً بعد آذار وهو الشهر السادس من شهورهم ويسمونه آذار الثاني وسيأتي ذلك مفصلاً في الكلام على السنين إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد تقدم أنها توافق شهور العرب إلا في القليل إلا أنها يدخلها الكبس لأمور في ملتهم وسيأتي الكلام على كبسهم عند ذكر السنين إن شاء الله تعالى‏.‏

القسم الثاني من الشهور الاصطلاحي والمراد به الشمسي وهي مدة قطع الشمس مدار برج من بروج الفلك الاثني عشر وذلك ثلاثون يوماً وثلاثة عشر يوماً تقريباً وعليه عمل القبط والفرس والسريان والروم وهي على صنفين‏:‏ الصنف الأول ما يكون كل شهر من شهور السنة ثلاثين يوماً وما فضل عن ذلك جعل نسيئاً بين الشهور وهو الشهور القبط والفرس فأما شهور القبط وتنسب لدقلطيانوس الملك فكل شهر منها ثلاثون يوماً وأيام النسيء في آخر الثاني عشر منها وهي خمسة أيام‏.‏

الشهر الأولمنها توت ودخوله في العشرين من آب من شهور السريان وآخره السادس والعشرون من أيلول منهأ فيه يدرك الرطب ويكثر السفرجل والعنب الشتوي وتبتدئ لمحمضات‏.‏

وأول يوم منه يوم النيروز وهو رأس سنة القبط وفي سابعه يبتدئ لقط الزيتون وفي سابع عشره عيد الصليب فيه تفتح أكثر الترع بمصر وفي ثامن عشرة أول فصل الخريف وفي تاسع عشرة يبتدئ هجان السوداء في البدن وفي العشرين منه يقصد البلسان وفي الحادي والعشرون منه يبتدئ بيض النعام وفي الرابع والعشرين منه أول دي ماء من شهور الفرس وفي الثامن والعشرين منه يذهب الحر وفي التاسع والعشرين منه أول رعي الكراكي وفي الثلاثين منه وهو آخره يزرع الهليون‏.‏

الشهر الثاني بابه‏:‏ ودخوله في السابع والعشرين من أيلول من شهور السريان وآخره السادس والعشرون من تشرين الأول منها فيه يبذر كل ما لا تشق له الأرض كالبرسيم وغيره وفي آخره تشق الأرض بالصعيد وفيه يحصد الأرز ويطيب الرمان وتضع الضأن والمعز والبقر الخيسية ويستخرج دهن الآس واللينوفر ويدرك الثمر والزبيب وبعض الحمضات وفي خامسه عرس النيل وفي سادسه يطيب شرب الدواء وفي سابعه نهاية زيادة النيل وفي ثامنه يكره خروج الدم وفي حادي عشره يبتدئ النيل في النقص وفي ثالث عشره بداية الوخم وفي رابع عشره يكثر الناموس وفي خامس عشره يبتدئ زرع القرط وفي سادس عشره تبتدئ كثرة السعال وفي تاسع عشره يبتدئ زرع السلجم وفي الثاني والعشرين منه يبتدئ صلاح المواشي وفلي الثالث والعشرين منه تبتدئ كثرة الغيوم وفي الرابع والعشرين منه تبتدئ أهل مصر الزرع وفي السابع والعشرين منه يبتدئ سمن الحيتان وفي الثامن والعشرين منه أول المد وفي التاسع والعشرين منه أول الليالي البلق‏.‏

الشهر الثالث هتور ودخوله في السابع والعشرين من تشرين الأول وآخره الخامس والعشرون من تشرين الثاني‏.‏

فيه يزرع القمح ويطلع البنفسج والمنثور وكثر البقول ويجمع ما بقي من الباذنجان وما يجري مجراه ويحمل العنب من قوص وفي ثانيه يبتدئ حصاد الأرز وفي خامسه أول تشرين الثاني من شهور السريان وفيه يبتدئ برد المياه وفي سادسه أول المطر الوسمي وفي سابعه يبتدئ أهل الشام الزرع وفي ثامنه يبتدئ هبوب الرياح الجنوبية وفي تاسعه يبتدئ زرع الخشخاش وفي حادي عشره يبتدئ اختفاء الهوام وفي ثالث عشرة يبتدئ غليان البحر وفي رابع عشره تعمى الحيات وفي سادس عشره يجمع الزعفران وفي ثامن عشره تكثر الوحوش وفي الثامن والعشرين منه يفلق البحر الملح وتمتنع السفن من السفر فيه لشدة الرياح وفي الثالث والعشرين منه تبتدئ سخونة بطن الأرض وفي اللرابع والعشرين منه أول اسفيدارماه من شهور الفرس‏.‏

الشهر الرابع كيهك ودخوله في السادس والعشرين من تشرين الثاني من شهور السريان وآخره الخامس والعشرون من كانون الأول منها فيه تدرك الباقلاء وتزرع الحلبة وأكثر الحبوب ويدرك النرجس والبنفسج وتتلاحق المحمضات وفي أوله ابتداء أربعينات مصر وفي ثالثه يبتدئ موت الذباب وفي خامسه أول كانون الأول من شهور السريان وفي سابعه آخر الليالي البلق وأول الليالي السود وفي حادي عشره يبتدئ الشجر في رمي أوراقه وفي ثاني عشره تظهر البراغيث وفي سابع عشره أول فصل الشتاء وهو أول أربعينات الشام وفي ثامن عشره يتنفس النهار وفي الحادي والعشرين منه يكثر الطير الغريب بمصر وفي الثالث والعشرين منه أول مردوماه من شهور الفرس وهو نوروزهم وأول سنتهم وفي الخامس والعشرين منه يهيج البلغم وفي السادس والعشرين من ه تلقح الإبل وفي السابع والعشرين منه يكثر شرب الماء في الليل وفي الثلاثين منه يبتدئ تقليم الكروم‏.‏

الشهر الخامس طوبه ودخوله في السادس والعشرين من كانون الأول من شهور السريان وآخره الرابع والعشرون من كانون الثاني منها في زرع القمح في تغرير وفيه تشق الأرض للقصب والقلقاس ويتكامل النرجس وفي أوله ثبيت الرياح الشديدة وفي ثانيه يدرك القرط وفي سادسه أول كانون الثاني من شهور السريان وفي عاشره آخر أربعينات مصر وفي حادي عشره أول نصب الكروم وفي ثاني عشره يشتد البرد وفي ثالث عشره يبتدئ زرع المقات وفي سابع عشره يبتدئ غرس الأشجار وفي ثامن عشره تبتدئ كثرة الندى وهو آخر الليالي السود وفي تاسع عشره يبتدئ وقوع الثلج بالشام وغيره وفي الرابع والعشرين منه يبتدئ صفو ماء النيل وفي التاسع والعشرين منه يبتدئ اختلاف الرياح‏.‏

الشهر السادس أمشير ودخوله في الخامس والعشرين من كانون الثاني من شهور السريان وآخره الثالث والعشرون من شباط منها‏.‏

فيه تغرس الأشجار وتقلم الكروم ويدرك النبق واللوز الأخضر ويكثر البنفسج والمنثور وفي رابعه يبتدئ إفراخ النخل وفي سادسه أول شباط من شهور السريان وفي حادي عشره يبتدئ إنتاج الطيور وزرع بقول الصيف وفي ثاني عشره يبتدئ تحرك دواب البحر وفي الثاني والعشرين منه ثاني جمرة فاترة ويبتدئ مرض الأطفال ويبتدئ خروج ورق الشجر وفي الثالث والعشرين منه يبتدئ خروج الدواب للمرعى وفي الرابع والعشرين منه أول حردادماه من شهور الفرس وفي الخامس والعشرين منه يبتدئ هيجان الرياح وفي السابع والعشرين منه تبتدئ ثالث جمرة حامية وفي الثامن والعشرين منه أول المفرطات وفي التاسع والعشرين منه آخر نهي أبقراط‏.‏

الشهر السابع برمهات ودخوله في الرابع والعشرين من شباط من شهور السريان وآخره الخامس والعشرون من آذار‏.‏

فيه تزهر الأشجار ويعقد أكثر الثمار ويزرع أوائل المسمسم ويقلع الكتان ويدرك الفول والعدس وفي ثانيه يحمد خروج الدم وهو أول الأعجاز وفي ثالث عشره تفتح الحيات أعينها وفي خامس عشره تطيب الألبان وفي سادس عشره يبتدئ خروج دود القز وفي ثامن عشره يهيج الدم وفي تاسع عشره ظهور الهوام وفي العشرين منه يزرع السمسم وفي الرابع والعشرين منه أول تيرماه من شهور الفرس وفي السادس والعشرين منه يبتدئ شرب المسهل وفي السابع والعشرين منه خروج الذباب الأزرق‏.‏

الشهر الثامن برموده ودخوله في السادس والعشرين من آذار من شهور السريان وآخره الرابع والعشرون من نيسان منها فيه تقطف أوائل عسل النحل وفيه تكثر الباقلاء وينفض جوز الكتان ويكثر الورد الأحمر والبطن الأول من الجميز ويقلع بعض الشعير ويدرك الخيار شنبر‏.‏

وفي أوله يؤكل الفريك وفي رابعه يعصر دهن البلسان وفي خامسه تبتدئ كثرة الزهر وفي سادسه أول نيسان من شهور السريان وفي ثاني عشره يخاف على بعض الزرع وفي ثامن عشره آخر قلع الكتان وفي العشرين منه ينهى عن أكل البقول وفي الثاني والعشرين منه ظهور الكمأة وفي الثالث والعشرين منه الختام الكبير للزرع وفي الرابع والعشرين منه أول تردماه من شهور الفرس وفي الخامس والعشرين منه نهاية مد الفرات وفي الثامن والعشرين منه يبيض النعام‏.‏

الشهر التاسع بشنس ودخوله في الخامس والعشرين من نيسان من شهور السريان وآخره التاسع والعشرون من آيار منها‏.‏

فيه يكثر التفاح القاسمي ويبتدئ التفاح المسكي والبطيخ العبدلي والخوفي والمشمش والخوخ الزهري والورد الأبيض‏.‏

وفي نصفه يبذر الأرز ويحصد القمح وفي سادسه أول أيار من شهور السريان وفي رابع عشره يجمع الخشخاش وفي ثامن عشره يجمع العصفر وفي الحادي والعشرين منه تبتدئ برودة الأرض وفي الرابع والعشرين منه أول شهر برماه من شهور الفرس‏.‏

الشهر العاشر بؤنه ودخوله في الخامس والعشرين من أيار من شهور السريان وآخره الثالث والعشرون من حزيران منها فيه يكثر الحصرم ويطيب بعض العنب والتين البوني وهو الديفور والخوخ الزهري والمشعر والكمثري البوهي والقراصيا والتوت ويطلع البلح ويقطف جمهور العسل وفي ثالثه يبتدئ توحم النيل وفي سادسه يكمل الدرياق وفي سابعه أول حزيران من شهور السريان وفي تاسعه يبتدئ مهب الريح الشمالية وفي عاشره يبتدئ تنفس النيل وفي خامس عشره تتحرك شهوة الجماع وفي ثاني عشره عيد ميكائيل في ليلة يوزن من الطين زنة ستة عشر درهماً عند غروب الشمس ويرفع في مكان ويوزن عند طلوع الشمس فما زاد كان بكل خروبة زادت على الستة عشر ذراع وفي ثالث عشره يبتدئ نقص الفرات وفي رابع عشره تهب الرياح السمائم وفي تاسع عشره تذهب البراغيث وفي العشرين منه تهيج الصفراء وفي الثاني والعشرين منه يعقد الجوز ويقوى اندفاع النيل وفي الرابع والعشرين منه يثور وجع العين وهو أول مهرماه من شهور الفرس وفي السابع والعشرين منه يؤخذ قاع النيل وفي الثامن والعشرين منه ينادى عليه وفي التاسع والعشين منه يدرك البطيخ‏.‏

الشهر الحادي عشر أبيب ودخوله في الرابع والعشرين من حزيران من شهور السريان وآخره الثالث والعشرون من تموز منها فيه كثر العنب والتين ويقل البطيخ العبدلي ويطيب البلح وتقطف بقايا العسل وتقوى زيادة النيل وفي رابعه أول نهي أبقراط وفيه يموت الجراد وفي سابعه أول تموز من شهور السريان وي عاشره يبتدئ وقع الطاعون وفي ثاني عشره تبتدئ قوة السمائم وفي ثالث عشره تدرك الفاكهة وفي سابع عشره تعور العيون وفي ثامن عشره يجمع السماق وفي الثاني والعشرين منه يدرك الفستق وفي الرابع والعشرين منه أول أبان ماه من شهور الفرس وفي السادس والعشرين منه طلوع الشعرى اليمانية وفي التاسع والعشرين منه يدرك نخل الحجاز‏.‏

الشهر الثاني عشر مسرى ودخوله في الرابع والعشرين من تموز من شهور السريان وآخره السابع والعشرون من آب منها فيه يعمل الخل ويدرك البسر والموز وتتغير طعوم الفاكهة لغلبة الماء على الأرض ويدرك الليمون التفاحي ويبتدئ إدراك الرمان وفي رابعه نقصان الدجلة وفي خامسه أول العصير وفي ثامنه أول آب من شهور السريان وفي ثاني عشره فصال المواشي وفي رابع عشره تقل الألبان وفي خامس عشره تسخن المياه وفي سابع عشره تختلف الرياح وفي ثامن عشره يحذر لسع الهوام وفي الثاني والعشرين منه آخر العصير وفي الرابع والعشرين منه يهيج النعام وفي الخامس والعشرين منه تكثر الغيوم وفي الثامن والعشرين منه آخر السمائم وفي التاسع والعشرين منه أول آذرماه من شهور الفرس‏.‏

أيام النسيء ودخولها في الثامن والعشرين من آب من شهور السريان ويختلف آخرها باختلاف السنة الكبيسة وغيرها‏.‏

وقد وضع الناس طرقاً لإخراج أول الشهر القبطي بالحساب أقربها أن تعرف يوم النيروز ثم تعد ما مضى من الشهور القبطية بالشهر الذي تريد أن تعرف أوله فما كان فأضعفه فما تحصل فأسقط منه واحداً أبداً ثم أسقط الباقي سبعة سبعة فما فضل فعد من يوم النيروز إلى آخر الباقي بعد الإسقاط على توالي الأيام فأينما انتهى العدد فذلك هو أول الشهر المطلوب‏.‏

مثال ذلك كان يوم النيروز الأحد وأردنا أن نعرف أول أمشير عددناكم مضى من أول الشهور القبطية وعددنا منها أمشير وجدنا ذلك ستة أضعفناها صارت اثني عشر أسقطنا منها واحداً بقي أحد عشر أسقطنا منها سبعة بقي أربعة عددنا من يوم النيروز وهو الأحد أربعة فكان آخرها يوم الأربعاء فعلمنا أن أول أمشير الأربعاء‏.‏

وأما شهور الفرس فهي اثنا عشر شهراً كل شهر منها ثلاثون يوماً وأيام النسيء خمسة أيام في آخر الشهر الثامن منها وهو أبان ماه‏.‏

الشهر الأول منها افرودين ماه ودخوله في الرابع والعشرين من كيهك من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من طوبه منها وأول يوم منه نيروز الفرس ورأس سنتهم‏.‏

الشهر الثاني ارديهشتماه ودخوله في الرابع والعشرين من طوبه من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من أمشير منها‏.‏

الشهر الثالث حردادماه ودخوله في الرابع والعشرين من أمشير من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من برمهات منها‏.‏

الشهر الرابع تيرماه ودخوله في الرابع والعشرين من برمهات من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من بشنس منها‏.‏

الشهر السادس شهر برماه ودخوله في الرابع والعشرين من بشنس من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من بؤنه منها‏.‏

الشهر السابع مهرماه ودخوله في الرابع والعشرين من بؤنه من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من أبيب منها‏.‏

الثامن أبان ماه ودخوله في الرابع والعشرين من أبيب من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من مسرى منها أيام النسيء وتسمى بالفارسية الاندركاه ودخولها في الرابع والعشرين من مسرى وآخرها الثامن والعشرون منها‏.‏

الشهر التاسع ادرماه ودخوله في التاسع والعشرين من مسرى من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من توت‏.‏

الشهر العاشر دي ماه ودخوله في الرابع والعشرين م توت من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من بابه منها‏.‏

الشهر الحادي عشر بهمن ماه ودخوله في الرابع والعشرين من بابه من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من هاتور منها‏.‏

الشهر الثاني عشر اسفندارماه ودخوله في الرابع والعشرين من هاتور من شهور القبط وآخره الثالث والعشرون من كيهك منها‏.‏

ولكل يوم من أيام الشهر عندهم اسم خاص يزعمون أنه اسم ملك من الملائكة موكل به‏.‏

وقد علم مما تقدم من شهور القبط ما يقع في هذه الشهور من‏.‏

والفواكه وغيرها‏.‏

الصنف الثاني من الشهور الاصطلاحية ما يختلف عدده بالزيادة والنقصان فيكون بعض الشهور فيه ثلاثين‏.‏

وبعضها أقل وبعضها أكثر وهو شهور السريان والروم فأما شهور السريان وتنسب للإسكندر فاثنا عشر شهراً منها أربعة كل شهر منها ثلاثون يوماً وشهر واحد ناقص عن الثلاثين وسبعة زائدة عليها‏.‏

الشهر الأول منها تشرين الأول وهو أحد وثلاثون يوماً ودخوله في الرابع من بابه من شهور القبط وآخره الرابع من هاتور منها ويوافقه أكتوبر من شهور الروم وهو الشهر العاشر منها‏.‏

الشهر الثاني تشرين الثاني وهو ثلاثون يوماً ودخوله في الخامس من هاتور من شهور القبط وآخره الرابع من كيهك منها ويوافقه نوفمبر من شهور الروم وهو الشهر الحادي عشر منها‏.‏

الشهر الثالث كانون الأول وهو أحد وثلاثون يوماً ودخوله في الخامس من كيهك من شهور القبط وآخره الخامس من طوبه منها ويوافقه دجنبر من شهور الرم وهو الشهر الثاني عشر منها‏.‏

الشهر الرابع كانون الثاني وهو أحد وثلاثون يوماً ودخلوه في السادس من طوبه من شهور القبط وآخره السادس من أمشير منها ويوافقه ينير من شهور الروم وهو الشهر الأول منها‏.‏

الشهر الخامس أشباط ويقال شباط وهو ثماينة وعشرون يوماً ودخوله في السابع من أمشير وآخره الرابع من برمهات ويوافقه فبراير من شهور الروم وهو الثاني من شهورهم‏.‏

الشهر السادس آذار وهو أحد وثلاثون يوماً ودخوله في الخامس من برمهات من شهور القبط وآخره الخامس من برموده منها ويوافقه مارس من شهور الروم وهو الثالث من شهورهم‏.‏

الشهر السابع نيسان وهو ثلاثون يوماً ودخوله في السادس من برموده من شهور القبط وآخره الخامس من بشنس منها ويوافقه ابريل من شهور الروم وهو الرابع من شهورهم‏.‏

الشهر الثامن آيار وهو أحد وثلاثون يوماً ودخوله في السادس من بشنس من شهور القبط وآخره السادس من بؤنه منها ويوافقه مايه من شهور الروم وهو الخامس من شهورهم‏.‏

الشهر التاسع حزيران وهو ثلاثون يوماً ودخوله في السابع من بؤنه من شهور القبط وآخره السادس من أبيب منها ويوافقه يونيه من شهور الروم وهو السادس من شهورهم‏.‏

والشهر العاشر تموز وهو أحد وثلاثون يوماً ودخوله في السابع من أبيب من شهور القبط وآخره السابع من مسرى منها ويوافقه يوليه من شهور الروم وهو السابع من شهورهم‏.‏

الشهر الحادي عشر آب وهو أحد وثلاثون يوماً ودخوله في الثامن من مسرى من شهور القبط وآخره الثالث من توت منها ويوافقه اغشت من شهور الروم وهو الثامن من شهورهم‏.‏

الشهر الثاني عشر أيلول وهو ثلاثون يوماً ودخوله في الرابع من توتت من شهور القبط وآخره الثالث من بابه منها ويوافقه ستنبر من شهور الروم وهو التاسع من شهورهم وبذهابه يذهب الحر جملة وفي ذلك يقول أبو نواس‏:‏ مضى أيلول وارتفع الحرور وأخبت نارها الشعرى العبور وقد نظمها صاحبنا الشيخ إبراهيم الدهشوري ي أبيات ابتدأ فيها بأيلول فقال‏:‏ وابدأ بأيلول من السرياني تشرين الأول يتبعنه الثاني كانون كانون شباط يطلع آذار نيسان أيار يتبع ثم حزيران وتموز وآب تبارك الرحمن يهدي من أحب وقد نظم الشيخ أبو عبد الله الكيزاني رحمه الله أبياتاً ذكر فيها الأشهر التي منها ثلاثون يوماً شهور الروم ألوان زيادات ونقصان فتشرينهم الثان وأيلول ونيسان ثلاثون ثلاثون سواء وحزيران شباط خص بالنقص وقدر النقص يومان ونظم صاحب مناهج الفكر تدخلها مع شهور القبط في أرجوزة فجاءت في غاية الحسن والوضوح إلا أن فيها طولاً وهي هذه‏:‏ متى تشأ معرفة التداخل من أول الشهور في المنازل فعد من توت بلا تطويل أربعة فهي ابتداء أيلول وبابة كذاك مع تشرين الأول السابق في السنين والخامس المعدود من هتور أول تشرينهم الأخير ومن شباط أول يوافق سابع أمشير حساب صادق أول آذار إذا جعلته لبرمهات خامساً وجدته أول نيسان لدى التجريد السادس المعدود من برمود كذلك السابع من أبيب أول تموز بلا تكذيب أول آب عند من يحصل ثامن مسرى ذاك ما لا يجهل وبالغ بعض المتأخرين فنظم معنى هذه الأرجوزة في بيت واحد الحرف الأول من الكلمة منه للشهر السرياني والحرف الأخير للشهر القبطي وما بينهما لعدد الأيام التي إذا مضت من ذلك الشهر القبطي دخل ذلك الشهر السرياني وهو‏:‏ أدت تدب تهه كهك كوط أزا أهب نوب أوب حزب تزا أحم فالألف من أدت إشارة لأيلول م شهور السريان وهو آخر شهورهم والتاء إشارة لتوت من شهور القبط وهو أول شهورهم والدال بأربعة ففي الرابع من توت يدخل أيلول التاء من تدب إشارة لتشرين الأول والتاء من تهه إشارة لتشرين الثاني والهاء الأخيرة إشارة لهتور والهاء المتوسطة بنيهما بخمسة ففي الخامس من هاتور يدخل تشرين الثاني والكاف الأولى من كهك إشارة لكانون الأول والكاف الأخيرة إشارة لكيهك والهاء بينهما بخمسة ففي الخامس من كيهك يدخل كانون الأول والكاف من كوط إشارة لكانون الثاني والطاء إشارة لطوبه والواو بينهما بخمسة ففي الخامس من برمهات يدخل آذار والنون من نوب إشارة لنيسان والباء إشارة لبرموده والواو بينهما بستة ففي السادس من برموده يدخل نيسان والألف من أوب إشارة لأيار والحاء من حزب إشارة لحزيران والباء إشارة لبؤنه والزاي بينهما بسبعة ففي السابع من بؤنه يدخل حزيران والتاء من تزأ إشارة لتموز والألف إشارة لأبيب والزاي بينهما بسبعة ففي السابع من أبيب يدخل تموز والألف من أحم إشارة لآب والميم إشارة لمسرى والحاء بينهما بثمانية ففي الثامن من مسرى يدخل آب‏.‏

وأما شهور الروم‏:‏ وتنسب لأغشطش ملك الروم وهو قيصر الأول فاثنا عشر شهراً بعضها ثلاثون يوماً وبعضها زائد على الثلاثين وبعضها ناقص عنها كما في شهور السريان وهي مطابقة لشهور السريان في العدد مخالفة لها في الأسماء والترتيب‏.‏

الشهر الأول ينير ويوافقه كانون الثاني من شهور السريان وهو الرابع من شهورهم وفي أول يوم منه يكون القلداس ويوقد أهل الشام في ليلته نيراناً عظيمة لا سيما مدينة أنطاكية وكذلك سائر بلاد الشام وأرض الروم وسائر بلاد النصارى‏.‏

الشهر الثاني فبرير ويوافقه شباط من شهور السريان وهو السادس من شهورهم‏.‏

الشهر الرابع أبريل ويوافقه نيسان من شهور السريان وهو السابع من شهورهم‏.‏

الشهر الخامس مايه ويوافقه أيار من شهور السريان وهو السابع من شهورهم‏.‏

الشهر السادس يونيه ويوافقه حزيران من شهور السريان وهو التاسع ن شهورهم‏.‏

الشهر إلا خمسين عاماً ‏"‏ فأتى بذكر السنة والعام في آية واحدة وقال جل وعز‏:‏ ‏"‏ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ‏"‏ وقد تختص السنة بالجدب والعام بالخصب وبذلك ورد القرآن الكريم في بعض الآيات قال تعالى‏:‏ ‏"‏ ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ‏"‏ فعبر بالعام عن الخصب وقال جل ذكره‏:‏ ‏"‏ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات ‏"‏ فعبر بالسنين عن الجدب‏.‏

على أنه قد وقع التعبير بالسنين عن الخصب أيضاً في قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله ‏"‏ أما الحول فإنه يقع على الخصب والجدب جمعاً‏.‏

الجملة الثانية في حقيقة السنة وهي على قسمين‏:‏ طبيعية واصطلاحية كما تقدم في الشهور القسم الأول السنة الطبيعية وهي القمرية وأولها استهلال القمر في غرة المحرم وآخرها سلخ ذي الحجة من تلك السنة وهي اثنا عشر شهراً هلالياً قال تعالى‏:‏ ‏"‏ إن عدة الشهور عند اله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض ‏"‏‏.‏

وعدد أيامها ثلثمائة يوم وأربعة وخمسون يوماً وسدس يوم تقريباً ويجتمع من هذا الخمس والسدس يوم في كل ثلاث سنين فتصير السنة ثلثمائة وخمسة وخمسين يوماً ويبقى من ذلك بعد اليوم الذي اجتمع شيء فيجتمع منه ومن خمس اليوم وسدسه في السنة السادسة يوم واحد وكذلك إلى أن يبقى الكسر أصلاً بأحد عشر يوماً عند تمام ثلاثين سنة وتسمى تلك السنين كبائس العرب‏.‏

قال السهيلي‏:‏ كانوا يؤخرون في كل عام أحد عشر يوماً حتى يدور الدور إلى ثلاث وثلاثين سنة فيعود إلى وقته فلما كانت سنة حجة الوداع وهي سنة تسع من الهجرة عاد الحج إلى وقته اتفاقاً في ذي الحجة كما وضع أولاً فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الحج ثم قال في خطبته التي خطبها يومئذ‏:‏ ‏"‏ إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ‏"‏ بمعنى أن الحج قد عاد في ذي الحجة‏.‏

وفي بعض التعاليق أن سني العرب كانت موافقة لسني الفرس في الدخول الانسلاخ فحدث في أحوالهم انتقالات فسد عليهم بها الكبس في أول السنة السادسة من ملك أغبطش وذلك بعد ملك ذي القرنين بمائتين وثمانين سنة وأربعين يوماً فسنوا كبس الربع من ذلك اليوم في كل سنة فصارت سنينهم بعد ذلك الوقت محفوظة المواقيت‏.‏

وقيل لم تزل العرب في جاهليتها على رسم إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام لا تنسأ سنيها إلى أن جاورتهم اليهود في يثرب فأرادت العرب أن يكون حجهم في أخصب وقت ن السنة وأسهل زمان للتردد القسم الثاني الاصطلاحية وهي الشمسية وشهورها اثنا عشر شهراً كما في السنة الطبيعية إلا أن كل طائفة راعت عدم دوران سنيها جعلت في أشهرها زيادة في الأيام إما جملة واحدة وإما متفرقة وسمتها نسيئاً بحسب ما اصطلحوا عليه كما ستقف عليه في مصطلح كل قوم إن شاء الله تعالى‏.‏

وعدد أيامها عند جميع الطوائف من القبط والفرس والسريان والروم وغيرهم ثلثمائة يوم وخمسة وستون يوماً وربع يوم فتكون زيادتها على العربية عشرة أيام وثمانية أعشار يوم وخمسة أسداس يوم‏.‏

وقد قال بعض حذاق المفسرين في قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ‏"‏ إنه إن حمل على السنين القمرية فهو على ظاهره من العدد وإن حمل على السنين الشمسية فالتسع الزائدة هي تفاوت زيادة الشمسية على القمرية لأن في كل ثلثمائة سنة تسع سنين لا تخل بالحساب أصلاً‏.‏

قال صاحب مناهج الفكر‏:‏ ولذلك كانوا في صدر الإسلام يسقطون عند رأس كل ثلاث وثلاثين سنة عربية سنة ويسمونها سنة الازدلاف لأن كل ثلاث وثلاثين سنة عربية اثنتان وثلاثون سنة شمسية تقريباً‏.‏

قال‏:‏ وإنما حملهم على ذلك الفرار من اسم النسيء الذي أخبر الله تعالى أنه زيادة في الكفر‏.‏

المصطلح الأول‏:‏ مصطلح القبط وقد اصطلحوا على أن جعلوا شهرهم ثلاثين يوماً كما تقدم فإذا انقضت الاثنا عشر شهراً أضافوا إليها خمسة أيام يسمونها أيام النسيء ويفعلون ذلك ثلاث سنين متوالية فإذا كانت السنة الرابعة أضافوا إلى خمسة النسيء المذكورة ما اجتمع من الربع يوم الزائد على الخمسة أيام في السنة الشمسية فتصير ستة أيام ويجعلونها كبيسة في تلك السنة وبعض ظرفائهم يسمي الخمسة المزيدة السنة الصغيرة‏.‏

قال أصحاب الزيجات‏:‏ وأول ابتدائهم ذلك في زمن أغشطش‏.‏

وكانوا من قبل يتركون الربع إلى أن تجتمع أيام سنة كاملة وذلك في ألف سنة وأربعمائة وإحدى وستين سنة يسقطونها من سنيهم وعلى هذا المصطلح استقر عملهم بالديار المصرية في الإقطاعات والزرع والخراج وما شاكل ذلك‏.‏

المصطلح الثاني‏:‏ مصطلح الفرس وشهورهم كشهور القبط في عد الأيام على ما تقدم فإذا كان آخر شهر أبان ماه وهو الشهر السابع من شهورهم أضافوا إليه الخمسة الأيام الباقية وجعلوه خمسة وثلاثين يوماً وتسمي الفرس هذه الأيام الخمسة‏:‏ الأندركاه ولكل يوم منها عندهم اسم خاص كما في أيام الشهر ولما لم يجز في معتقدهم كبس السنة بيوم واحد بعد ثلاث سنين كما فعل القبط كانوا يؤخرونه إلى أن يتم منه في مائة وعشرين سنة شهر كامل فيلقونه وتسمى السنة التي يلقى فيها بهبرك قال المسعودي في مروج الذهب‏:‏ وإنما أخروا ذلك إلى مائة وعشرين سنة لأن أيامهم كانت سعوداً ونحوساً فكرهوا أ يكبسوا في كل أربع سنين يوماً فتنتقل بذلك أيام السعود إلى أيام النحوس ولا يكون النيروز أول يوم من الشهر‏.‏

وعلى هذا المصطلح كان يجبى الخراج للخلفاء وتتمشى الأحوال الديوانية في بداية الأمر وعليه العمل في العراق وبلاد فارس إلى الآن‏.‏

المصطلح الثالث‏:‏ مصطلح السريان وشهورهم على ما تقدم من كونها تارة ثلاثين يوماً وتارة زائدة عيها وتارة ناقصة عنها وإنما فعلوا ذلك حتى لا يلحقهم النسيء في شهورهم إذ الأيام الخمسة المذكورة الزائدة على شهور القبط والفرس موزعة على رؤوس الزوائد من شهورهم وذلك أن من شهورهم سبعة أشهر يزيد كل شهر منا يوماً على الثلاثين وهي تشرين الأول وكانون الأول وكانون الثاني وآذار وأيار وتموز وآب فتكون الزيادة سبعة أيام يكمل منها شباط وهو ثمانية وعشرون يوماً بيومين يبقى خمسة أيام وهي نظير النسيء في سنة القبط والفرس ويبقى بعد ذلك الربع يوم الزائد على الخمسة أيام في السنة الشمسية فإذا انقضت ثلاث سنين مواليات جمعوا الأرباع الثلاثة الملغاة إلى الربع الرابع فيجتمع منا يوم فيجعلونه نظير اليوم الذي كبسه القبط ويضيفونه إلى شباط فيصير تسعة وعشرين يوماً‏.‏

المصطلح الرابع‏:‏ مصطلح اليهود وشهورهم وإن كانت قمرية كالعربية كما تقدم فقد اضطروا إلى أن تكون سنتهم شمسية لأنهم أمروا في التوراة أن يكون عيد الفطر في زمان الفريك فلم يتأت لهم ذلك حتى جعلوا سنيهم قسمين‏:‏ الأول بشيطا ومعناه بسيطة وهي القمرية والثاني معبارت ومعناه كبيسة وهم يكبسون شهراً كاملاً ومعبارت اسم موضوع عندهم على الكامل فإنه لما كان في بطنها زيادة عليها كانت هذه السنة مثلها بإضافة الشهر المكبوس إليها وكل واحدة من السنين ثلاثة أنواع أحدها حسارين ومعناه ناقصة وهي التي يكون الشهر الثاني والثالث منها وهما مرحشوان وكسلا ناقصين وكل واحد منهما تسعة وعشرون يوماً والنوع الثاني شلاميم ومعناه تامة وهي التي يكون فيها كل شهر من الشهرين المذكورين تاماً والنوع الثالث كسدران معناه معتدلة وهي التي تكون أشهرها ناقص يتلوه تام وهذا يلزم من جهة أنهم لا يجيزون أن يكون راس سنتهم يوم أحد ول يوم أربعاء ولا يوم خميس‏.‏

وأما معبارت فإنها تكون فيكل تسع عشرة سنة سبع مرات ويسمنون الجملة مخزوراً ومعناه الدور وهذه السبعة لا تكون على التوالي وإنما تكون تارة سنتان بشيطان يتلوهما معبارت وتارة سنة بشيطا يتلوها معبارت كل ذلك حتى لا تخرم عليهم قاعدة الثلاثة أيام التي لا يختارونها أن تكون أول سنتهم فإذ انقضى آذار من هذه السنة كبسوا شهراً وسموه آذار أما مصطلح المنجمين فالسنة عندهم من حلول الشمس في أول نقطة من رأس الحمل إلى حلولها في آخر نقطة من الحوت ومنهم من يجعلها من حول الشمس في أول نقطة من رأس الميزان إلى حلولها في آخر نقطة من السنبلة والأول هو المعروف‏.‏

وتساهل بعضهم فقال‏:‏ هي من كون الشمس في نقطة ما من فلك البروج إلى عودها إلى تلك النقطة ويقال إن سنة الجند والمرتزقة بالديار المصرية كانت أولاً على هذا المصطلح وبه يعملون في الإقطاعات ونحوها‏.‏

الجملة الثالثة في فصول السنة الأربعة وفيه ثلاثة مهايع المهيع الأول في الحكمة في تغيير الفصول الأربعة في السنة واعلم أن الفصول تختلف بحسب اختلاف طبائع السنة لتباين مصالح أوقاتها حكمة من الله تعالى‏.‏

قال بطليموس‏:‏ تحتاج الأبدان إلى تغيير الفصول فالشتاء للتجميد والصيف للتحليل والخريف للتدريج والربيع للتعديل‏.‏

وعلى ذلك يقال‏:‏ إن أصل وضع الحمام أربعة بيوت بعضها دون بعض على التدريج ترتيبها على الفصول الأربعة‏.‏

واعلم أن دائرة منطقة البروج لما قاطعت دائرة معدل النهار على نقطتين متقابلتين مال عنهما في جهتي الشمال والجنوب بقدر واحد فالنقطة التي تجوز عليها الشمس من ناحية الجنوب إلى الشمال عن معدل النهار تسمى نقطة الاعتدال الربيعي وهي أول الحمل والنقطة التي تجوز عليها من الشمال إلى الجنوب تسمى نقطة الاعتدال الخريفي وهي أول الميزان‏.‏

ويتوهم في الفلك دائرة ثالثة معترضة من الشمال إلى الجنوب تمر على أقطاب تقابل الدائرة المخطوطة على الفلكين تقطع كل واحد من فلك معدل النهار وفلك البروج بنصفين فوجب أن يكون قطعها لفلك البروج على النقطتين اللتين هما في غاية الميل والبعد عن معدل النهار في جهتي الشمال والجنوب فتسمى النقطة الشمالية نقطة المنقلب الصيفي وهي أول السرطان وتسمى النقطة الجنوبية نقطة المنقلب الشتوي وهي أول الجدي‏.‏

واختلاف طبائع الفصول عن حركة الشمس وتنقلها في هذه النقط فإنها إذا تحركت من الحمل وهو أول البروج الشمالية أخذ الهواء في السخونة لقربها من سمت الرؤوس وتواتر الإسخان إلى أن تصل إلى أول السرطان وحينئذ يشتد الحر في السرطان والأسد إلى أن تصل إلى الميزان فحينئذ يطيب الهواء ويعتدل ثم يأخذ الهواء في البرودة ويتواتر إلى أول الجدي وحينئذ يشتد البرد في الجدي والدلو لبعد الشمس من سمت الرؤوس إلى أن تصل إلى الحمل فتعود الشمس إلى أو حركتها‏.‏

المهيع الثالث في ذكر الفصول وأزمنتها وطبائعها وما حصة كل فصل منها من البروج والمنازل وهي أربعة فصول الأول‏:‏ فصل الربيع‏:‏ وابتداؤه عند حلول الشمس برأس الحمل وقد تقدم ومدته أحد وتسعون يوماً وربع يوم ونصف ثمن يوم‏.‏

وأوله حلول الشمس رأس الحمل وآخره عند قطعها برج الجوزاء وله من الكواكب القمر والزهرة ومن المنازل الشرطان والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع بما في ذلك من التداخل كما مر ومن الساعات الأولى والثانية والثالثة ومن الرياح الجنوب وطبعه حار رطب وله من السن الطفولية والحداثة ومن الاخلاط الدم ومن القوى الهاضمة‏.‏

وفيه تتحرك الطبائع وتظهر المواد المتولدة في الشتاء فيطلع النبات وتزهر الأشجار وتورق ويهيج الحيوان للسفاد وتذوب الثلوج وتنبع العيون وتسيل الأودية وأخذت الأرض زخرفها وازينت فتصير كأنها عروس تبدت لخطابها في مصبغات ثيابها ويقال‏:‏ إذا نزلت الشمس رأس الحمل تصرم الشتاء وتنفس الربيع واختالت الأرض في وشيها البديع وتبرجت للنظارة في معرض الحسن والنضارة‏.‏

ومن كلام الوزير المغربي‏:‏ لو كان زمن الربيع شخصاً لكان مقبلاً ولو أن الأيام حيوان لكان لها حلياً ومجللاً لأن الشمس تخلص فيه من ظلمات حوت السماء خلاص يونس من ظلمات حوت وكان عبدوس الخزاعي يقول‏:‏ من لم يبتهج بالربيع ولم سيتمتع بأنواره ولا استروح بنسيم أزهاره فهو فاسد المزاج محتاج إلى العلاج‏.‏

ويروى عن بقراط الحكيم مثله وفيه بدل قوله‏:‏ فهو فاسد المزاج فهو عديم حس أو سقيم نفس‏.‏

ولجلالة محل هذا الفصل في القلوب ولنزوله من النفوس منزلة الكاعب الخلوب كانت الملوك إذا عدمته استعملت ما يضاهي زهره من البسط المصورة المنقشة والنمارق المفوقة المرقشة‏.‏

وقد كان لأنوشروان بساط يسميه بساط الشتاء مرصع بأزرق الياقوت والجواهر وأصفره وأبيضه وأحمره وقد جعل أخضره مكان أغصان الأشجار وألوانه بموضع الزهر والنوار‏.‏

ولما أخذ هذا البساط في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في واقعة القادسية حمل إليه فيما أفاء الله على المسلمين فلما رآه قال‏:‏ إن أمة أدت هذا إلى أمير لأمينة ثم مزقه فوقع منه لعلي عليه السلام قطعة في قسمه مقدارها شبر في شبر فباعها بخمسة عشر ألف دينار‏.‏

وقد أطنب الناس في وصف هذا الفصل ومدحه وأتوا بما يقصر عن شرحه وتغالى الشعراء فيه غاية التغالي وفضلوا أيامه ولياليه على الأيام والليالي وما أحلى قول البحتري‏:‏ أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً من الحسن حتى كاد أن يتكلما يفتحها برد الندى فكأنما يبث حديثاً بينهن مكتما ومن شجر رد الربيع رداءه كما نشرت ثوباً عليه منمنما أحل فأبدى للعيون بشاشة وكان قذى للعين إذ كان محرما ورق نسيم الجو حتى كأنما يجيء بأنفاس الأحبة نعما وأحلى منه قول أحمد بن محمد العلوي‏:‏ أو ما ترى الأيام كيف تبرجت وربيعها وال عليها قيم لبست به الأرض الجمال فحسنها متأزر ببروده متعمم انظر إلى وشي الرياض كأنه وشي تنشره الأكف ينمنم والنور يهوى كالعقود تبددت والورد يخجل والأقاحي تبسم والطل ينظم فوقهن لآلئاً قد زان منهن الفرادى التوأم ويكاد يذري الدمع نرجسها إذا أضحى ويقطر من شقائقها الدم ومنها‏:‏ أرض تباهيها السماء إذا دجا ليل ولاحت في دجاها الأنجم لم يبق إلا الدهر إذ باهت به وحياً يجود به ملث مرهم وقول الآخر‏:‏ طرق الحياء ببره المشكور أهلاً به من زائر ومزور وحبا الرياض غلالة من وشيه بغرائب التفويف والتحبير وأعارها حلياً تأنى الغيث في ترصيعه بجواهر المنثور ومعصفر شرق وأصفر فاقع في أخضر كالسندس المنشور فكأن أزرقه بقايا إثمد في أعين مكحولة بفتور كملت صفات الزهر فيه فناب عم ا غاب من أنواعه بحضور وقول الآخر‏:‏ إشرب هنيئاً قد أتاك زمان متعطر متهلل نشوان فالأرض وشي والنسيم معنبر والماء راح والطيور قيان الثاني‏:‏ فصل الصيف‏:‏ وهو أحد وتسعون يوماً وربع ونصف ثمن يوم وابتداؤه إذا حلت الشمس رأس السرطان وانتهاؤه إذا أتت على آخر درجة من السنبلة فيكون له من البروج والشمس ومن المنازل النثرة و الطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك يتداخل فيه وله من الساعات الرابعة والخامسة والسادسة ومن الرياح الصبا وطبعه حار يابس وله من السن الشباب ومن الأخلاط المرة الصفراء ومن القوى القوة النفسية والحيوانية‏.‏

وللعرب في هذا الفصل وغرات‏:‏ وهي الحرور منها وغرة الشعرى ووغرة الجوزاء ووغرة سهيل أولها أقواها حراً يقال إن الرجل في هذه الوغرة يعطش بين الحوض والبئر وإذا طلع سهيل ذهبت الوغرات وتسمى الرياح التي في هذه الوغرات البوارح سميت بذلك لأنها تأتي من يسار الكعبة كما برح الظبي إذا أتاك من يسارك وقد أولع الناس بين لفحات الحر وسمومه وأتوا فيه ببدائع تقلع الصب غمام عمومه‏.‏

وفي ذلك قول بعضهم‏:‏ أوقدت الظهيرة نارها وأدكت أوارها فأذابت دماغ الضب وألهبت قلب الصب وهاجرة كأنها من قلوب العشاق إذا اشتعلت فيها نار الفراق حر تهرب له الحرباء من الشمس وتستجير بمتراكم الرمس لا يطيب معه عيش ولا ينفع معه ثلج ولا خيش فهو كالقلب المهجور أو كالتنور المسجور‏.‏

ووصف بعضهم وهو ذو الرمة حر هاجرة فقال‏:‏ وهاجرة حرها واقد نصبت لحاجبها حاجبي تلوذ من الشمس أطلأوها لياذ الغريممن الطالب وقال سوار بن المضرس‏:‏ وهاجرة تشتوى بالسموم جنادبها في رؤوس الأكم إذا الموت أخطأ حرباءها رمى نفسه بالعمى والصمم وقال أبو العلاء المعري‏:‏ وهجيرة كالهجر موج سرابها كالبحر ليس لمائها من طحلب واخى به الحرباء عودي منبر للظهر إلا أنه لم يخطب وقال آخر‏:‏ ورب يوم حره منضج كأنه أحشاء ظمآن كأنما الأرض على رضفة والجو محشو بنيران وبالغ الأمير ناصر بن الفقيسي فقال من أبيات‏:‏ في زمان يشوى الوجوه بحر ويذيب الجسوم لو كن صخرا لا تطير النسور فيه إذا ما وقفت شمسه وقارب ظهرا ويود الغصن الرطيب به لو أنه من لحائه يتعرى كأنني في جنحها محرم لو أن للعورة مني استتار وكيف لا أحرم في ليلة سماؤها بالشهب ترمي الجمار على أن أبا علي بن رشيق قد فضله على فصل الشتاء فقال‏:‏ فصل الشتاء مبين لا خفاء به والصيف أفضل منه حين يغشاكا فيه الذي وعد الله العباد به في جنة الخلد إن جاؤوه نساكا أنهار خمر وأطيار وفاكهة ما شئت من ذا ومن هذا ومن ذاكا فقل لمن قال لولا ذاك لم يك ذا إذا تفضل على أخراك دنياكا سم الشتاء بعباس تصب غرضاً من الصواب وسم الصيف ضحاكا الثالث‏:‏ الخريف‏:‏ وهو أحد وتسعون يوماً وربع يوم ونصف وثمن يوم وأوله عند حلول الشمس رأس الميزان وذلك في الثامن عشر من توت وإذا بقي من أيلول ثمانية أيام وآخره إذا أتت الشمس على آخر درجة من القوس فيكون له من البروج الميزان والعقرب والقوس وهذه البروج تدل على الحركة وله من الكواكب زحل ومن الساعات السابعة والثامنة‏.‏

والطالع فيه مع الفجر من المنازل الغفر والزبانان والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة يتداخل فيه‏.‏

وهو بارد يابس له من السن الكهولة تهيج فيه المرة السوداء وتقوى فيه القوة الماسكة وتهب فيه الرياح الشمالية وفيه يبرد الهواء ويتغير الزمان وتنصرم الثمار ويتغير وجه الأرض وتهزل البهائم وتموت الهوام وتجحر الحشرات ويطلب الطير المواضع الدفئة وتصير الأرض كأنها كهلة مدبرة‏.‏

ويقال‏:‏ فصل الخريف ربيع النفس كما أن الربيع ربيع العين فإنه ميقات الأقوات وموسم الثمار وأوان شباب الأشجار وللنفوس في آثاره مربع وللجسوم بمواقع خيراته مستمتع‏.‏

وقد وصفه الصابي فقال‏:‏ الخريف أصح فصول السنة زماناً وأسهلها أوانا وهو أحد الاعتدالين المتوسطين بين الانقلابين حين أبدت الأرض عن ثمرتها وصرحت عن زبدتها وأطلقت السماء حوافل أنوائها وآذنت بانسكاب مائها وصارت الموارد كمتون المبارد صفاء من كدرها وتهذباً من عكرها واطراداً مع نفحات الهواء وحركات الرياح الشجواء واكتست الماشية وبرها القشيب والطائر رشه العجيب‏.‏

ومن كلام ابن شبل‏:‏ كل ما يظهر في الربيع نواره ففي الخريف تجتنى ثماره‏.‏

وقال أبو بكر الصنوبري‏:‏ ما قضى في الربيع حق المسرا ت مضيع لحقها في الخريف نحن منه على تلقي شتاء يوجب القصف أو وداع مصيف في قميص من الزمان رقيق وراداء من الهواء خفيف وقال ابن الرومي يصفه‏:‏ لولا فواكه أيلول إذا اجتمعت من كل فن ورق الجو والماء إذاً لما حفلت نفسي إذا اشتملت علي هائلة الحالين غبراء يا حبذا ليل أيلول إذا بردت فيه مضاجعنا والريح شجواء وخمش القر فيه الجلد والتأمت من الضجيعين أجسام وأحشاء وأسفر القمر الساري بصفحته يرى لهها في صفاء الماء لألاء بل حبذا نفحة من ريحه سحراً يأتيك فيها من الريحان أنباء قل فيه ما شئت من فضل تعهده في كل يوم يد لله بيضاء وقال عبد الله بن المعتز يصفه يفضله على الصيف من أبيات‏:‏ طاب شرب الصبوح في أيلول برد الظل في الضحى والأصيل وخبت لفحة الهواجر عنا واسترحنا من النهار الطويل وخرجنا من السموم إلى بر د نسيم وطيب ظل ظليل فكأنا تزداد قرباً من الجن ة في كل شارق وأصيل اشرب على طيب الزمان فقد حدا بالصيف للندمان أطيب حاد وأشمنا بالليل برد نسيمه فارتاحت الأرواح في الأجساد وافاك بالأنداء قدام الحيا فالأرض للأمطار في استعداد كم في ضمائر تربها من روضة بمسيل ماء أو قرارة واد تبدو إذا جاء السحاب بقطره فكأنما كنا على ميعاد ومما يقرب منه قول جحظة البرمكي‏:‏ لا تصغ للوم إن اللوم تضليل واشرب ففي الشرب للأحزان تحليل فقد مضى القيظ واجتثت رواحله وطابت الريح لما آل أيلول وليس في الأرض بيت يشتكي مرهاً إلا وناظره بالطل مكحول وبالغ بعضهم فسوى بينه وبين فصل الربيع فقال في ضمن تهنئة لبعض إخوانه‏:‏ هنيت إقبال الخري ف وفزت بالوجه الوضي تم اعتدالاً في الكما ل فجاء في خلق سوي فحكى الربيع بحسنه ونسيم رياه الذكي محاسن للخريف لهن فخر على زمن الربيع وأي فخر به صار الزمان أمام برد يراقب نزحه وعقيب حر ومع ذلك فالأطباء تذمه لاستيلاء المرة السوداء فيه ويقولون‏:‏ أن هواءه رديء متى تشبث بالجسم لا يمكن تلافيه وفي ذلك يقول بعض الشعراء‏:‏ خذ في التدثر في الخريف فإنه مستوبل ونسيمه خطاف يجري مع الأيام جري نفاقها لصديقها ومن الصديق يخاف الرابع‏:‏ فصل الشتاء‏:‏ وهو أحد وتسعون يوماً وربع يوم ونصف ثمن يوم ودخوله عند حلول الشمس رأس الجدي وذلك في الثامن عشر من كيهك وإذا بقي من كانون الأول ثمانية أيام وآخره إذا أتت الشمس على آخر درجة من الحوت فيكون له من البروج الجدي والدلو والحوت وهذه البروج تدل على السكون والطالع فيه مع الفجر سعد الذابح وسعد بلغ وسعد السعود وسعد الأخبية والفرغ المقدم والفرغ المؤخر والرشاء‏.‏

فيه تهب رياح الدبور وهو بارد رطب‏.‏

فيه يهيج البلغم وتضعف قوى الأبدان‏.‏

له من السن الشيخوخة ومن القوى البدنية القوة الدافعة وفيه يشتد البرد ويخشن الهواء ويتساقط ورق الشجر وتنجحر الحيات وتكثر الأنواء ويظلم الجو وتصير الأرض كأنها عجوز هرمة قد دنا منها الموت‏.‏

وله من الكواكب المشتري وعطارد ومن الساعات العاشرة والحادية عشرة‏.‏

ويقال‏:‏ إذا حلت الشمس الجدي مد الشتاء رواقه وحل بطاقه ودبت عقارب البرد لاسبة ونفع مدخر الكسب كاسبه‏.‏

وللبلغاء وصف حال من أظله ملح تدفع عن المقرور متى استعد بها طله ووبله‏.‏

فمن ذلك قول بعضهم يصف شدة البرد‏:‏ برد يغير الألوان وينشف الأبدان ويجمد الريق في الأشداق والدمع في الآماق برد حال بين الكلب وهريره والأسد وزئيره والطير وصفيره والماء وخريره‏.‏

ومن كلام الفاضل‏:‏ في ليلة جمد خمرها وخمد جمرها إلى يوم تود البصلة لو ازدادت قمصاً إلى قمصها والشمس لو جرت النار إلى قرصها أخذه بعضهم فقال‏:‏ ويومنا أرياحه قرة تخمش الأبدان من قرصها يومن تود الشمس من برده لو جرت النار إلى قرصها ولابن حكينا البغدادي‏:‏ البس إذا قدم الشتاء برودا وافرش على رغم الحصير لبودا الريق في اللهوات أصبح جامداً والدمع في الآماق صار برودا وإذا رميت بفضل كأسك في الهوا عادت إليك من العقيق عقودا يا صاحب العودين لا تهملهما حرق لنا عوداً وحرك عودا ولبعضهم‏:‏ شتاء تقلص الأشداق منه وبرد يجعل الشبان شبيبا وأرض تزلق الأقدام فيها فما تمشي بها إلا دبيبا ومن كلام الزمخشري‏:‏ أقبلت يا برد ببرد أجود تفعل بالأوجه فعل المبرد أظل في البيت كمثل المقعد منقبضاً تحت الكساء الأسود لو قيل لي أنت أمير البلد فهات للبيعة كفاً يعقد ومن كلام أبي عبد الله بن أبي الخصال يصف ليلة باردة من رسالة‏:‏ والكلب قد صافح خيشومه ذنبه وأنكر البيت وطنبه والتوى التواء الجباب واستدار استدارة الحباب وجلده الجليد وضربه الضريب وصعد أنفاسه الصعيد فحماه مباح ولا هرير ولا نباح‏.‏

ومن شعر الحماسة في وصف ليلة شديدة البرد‏:‏ في ليلة من جمادى ذات أندية لا يبصر الكلب من أندائها الطنبا لا ينبح الكلب فيها غير واحدة حتى يلف على خيشومه الذنبا وليلة ترك البرد البلاد بها كالقلب أسعر ناراً فهو مثلوج فإن بسطت يداً لم تنبسط خصراً وإن تقل فبقول فيه تثبيج فنحن منه ولم تخرس ذوو خرس ونحن فيه ولم نفلج مفاليج وقال بعضهم يصف يوماً بارداً كثير الضباب‏:‏ يوم من الزمهرير مقرور عليه جيب السحاب مزرور وشمسه حرة مخدرة ليس لها م ضبابه نور كأنما الجو حشوه إبر والأرض من تحته قوارير وحكي أن أعرابياً اشتد به البر فأضاءت نار فدنا منها ليصطلي وهو يقول‏:‏ اللهم لا تحرمنيها في الدنيا ولا في الآخرة آخذه بعضهم فقال وهو في غاية المبالغة‏:‏ أيا رب إن البرد أصبح كالحاً وأنت بحالي عالم لا تعلم فإن كنت يوماً مدخلي في جهنم ففي مثل هذا اليوم طابت جهنم وقد اعتنى الناس بمدحه فقال بعضهم‏:‏ لو لم يكن من فضله إلا أنه تغيب فيه الهوام وتنجحر الحشرات ويموت الذباب ويهلك البعوض ويبرد الماء ويسخن الجوف ويطيب العناق ويظهر الفرش ويكثر الدخن وتلذ جمرة البيت لكفى‏.‏

تركت مقدمة الخريف حميده وبدا الشتاء جديده لا ينكر مطر يروق الصحو منه وبعده صحو يكاد من الغضارة يمطر غيثان والأنواء غيث ظاهر لك وجهه والصحو غيث مضمر أذن الشتاء بلهوه المستقبل فدنت أوائله بغيث مسبل متكاثف الأنواء منغدق الحيا هطل الندى هزج الرعود بجلجل جاءت بعزل الجدب فيه فبشرت بالخصب أنواء السماك الأعزل وقد ولع الناس بذكر الاعتدال لها قديماً وحديثاً‏.‏

قيل لأعرابي‏:‏ ما أعددت للبر فقال‏:‏ طول الرعدة وتقرفص العقدة وذوب المعدة أخذه ابن سكرة فقال‏:‏ قيل ما أعددت للبر د وقد جاء بشده قلت دراعة عري تحتها جبة رعدة واعلم أن ما تقدم من أزمان الفصول الأربعة هو المصطلح المعروف والطريق المشهور‏.‏

وقد ذكر الآبي في كتاب الدر‏:‏ أن العرب قسمت السنة أربعة أجزاء فجعلواالجزء الأول الصفرية وسموا مطره الوسمي وأوله عندهم سقوط عرقوة الدلو السفلى وآخره سقوط الهقعة وجعلوا الجزء الثاني الشتاء وأوله سقوط الهنعة وآخره سقوط الصرفة‏.‏

وجعلوا الجزء الثالث الصيف وأوله سقوط العواء وآخره سقوط الشولة وجعلوا الجزء الرابع القيظ‏.‏

وسموا مطره الخريف وأوله سقوط النعائم وآخره سقوط عرقوة الدلو العليا‏.‏

وذكر ابن قتيبة في أدب الكاتب طريقاً آخر فقال‏:‏ الربيع يذهب الناس إلى أنه الفصل الذي يتبع الشتاء ويأتي فيه الورد والكمأة والنور ولا يعرفون الربيع غيره والعرب تختلف في ذلك فمنهم من يجعل الربيع الفصل الذي تدرك فيه الثمار وهو الخريف وبعده فصل الشتاء ثم فصل الصيف وهو الوقت الذي تسميه العامة الربيع ثم فصل القيظ وهو الذي تسميه العامة الصيف ومنهم من يسمي الفصل الذي تدرك فيه الثمار وهو الخريف الربيع الأول ويسمي الفصل الذي يلي الشتاء وتأتي فيه الكمأة والنور الربيع الثاني وكلهم مجمعون على أن الخريف هو الربيع‏.‏

وفي بعض التعاليق أن من العرب من جعل السنة ستة أزمنة‏:‏ الأول الوسمي وحصته من السنة شهران ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي العواء والسماك والغفر والزبان وثلثا الإكليل‏.‏

الثاني الشتاء وحصته من السنة شهران ومن المنازل أربع منازل وهي ثلث الكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وثلث الذابح الثالث الربيع وحصته من السنة شرهان ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي ثلثا الذابح وبلع والسعود والأخبية والفرغ المقدم الرابع الصيف وحصته من السنة شهران ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي الفرغ المؤخر وبطن الحوت والشرطان والبطين وثلثا الثريا والخامس الحميم وحصته من السنة شهرا ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي ثلث الثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع وثلث النثرة السادس الخريف وحصته من السنة شهران ومن المنازل أربع منازل وثلثا منزلة وهي ثلثا الثنرة والطرف والجبهة والخرتان والصرفة‏.‏

والأوائل من علماء الطب يقسمون السنة إلى الفصول الأربعة إلا أنهم يجعلون الشتاء والصيف أطول زماناً وأزيد مدة من الربيع والخريف فيجعلون الشتاء أربعة أشهر والصيف أربعة أشهر والربيع شهرين والخريف شهرين إذ كانا متوسطين بين الحر والبرد وليس في مدتهما طول ولا في زمانهما اتساع‏.‏

واعلم أن ما تقدم من تفضيل بعض الفصول على بعض إنما هو أقاويل الشعراء وأفانين الأدباء تفنناً في البلاغة وإلا فالواضع حكيم جعل هذه الفصول مشتملة على الحر تارة وعلى البرد أخرى لمصالح العباد ورتبها ترتيباً خاصاً على التدريج يفهم ذلك أهل العقول وأرباب الحكمة جلت صنعته أن تكون عرية عن الحكمة أو موضوعة في غير موضعها ‏"‏ ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ‏"‏‏.‏

الطرف الرابع في أعياد الأمم ومواسمها وفيه خمس جمل الجملة الأولى في أعياد المسلمين واعلم أن الذي وردت به الشريعة وجاءت به السنة عيدان‏:‏ عيد الفطر وعيد الأضحى‏.‏

والسبب في اتخاذهما ما رواه أبو داود في سنته عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما فقال‏:‏ ‏"‏ ما هذان اليومان فقالوا‏:‏ كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الله عز وجل قد بدلكم خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر ‏"‏ فأول ما بدئ به من العيدين عيد الفطر وذلك في سنة اثنتين من الهجرة‏.‏

وروى ابن باطيش في كتاب الأوائل أن أول عيد ضحى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة اثنتين من الهجرة وخرج إلى المصلى للصلاة وحينئذ فيكون العيدان قد شرعا في سنة واحدة نعم قد ابتدعت الشيعة عيداً ثالثاً وسموه عيد الغدير‏.‏

وسبب اتخاذهم له مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه يوم غدير خم وهو غدير على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة الطريق تصب فيه عين وحوله شجر كثير وهي الغيضة التي تسمى خماً وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من حجة الوداع نزل بالغدير وآخى بين الصحابة ولم يؤاخ بين علي وبين أحد منهم فرأى النبي صلى الله عليه وسلم منه انكساراً فضمه إليه وقال‏:‏ ‏"‏ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي والتفت إلى أصحابه وقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ‏"‏ وكان ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة عشر من الهجرة‏.‏

والشيعة يحيون ليلة هذا العيد بالصلاة ويصلون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال وشعارهم فيه لبس الجديد وعتق العبيد وذبح الأغنام وإلحاق الأجانب بالأهل في الإكرام‏.‏

والشعراء والمترسلون يهنئون الكبراء منهم بهذا العيد‏.‏

الجملة الثانية في أعياد الفرس وكان دينهم المجوسية وأعيادهم كثيرة جداً حتى إن علي بن حمزة الأصبهاني عمل فيها كتاباً ذكر فيه أسباب اتخاذهم لها وسبب سلوكهم فيها وقد اقتصرنا منها على المشهور الذي ولع الشعراء بذكره واعتنى الأمراء بأمره وهي سبعة أعياد‏:‏ العيد الأول النيروز وهو تعريب نوروز ويقال إن أول من اتخذه جم شاد أحد ملوك الطبقة الثانية من الفرس ومعنى شاد الشعاع والضياء وإن سبب اتخاذهم لهذا اليوم عيداً أن الدين كان قد فسد قبله فلما ملك جدده وأظهره فسمي اليوم الذي ملك فيه نوروز أي اليوم الجديد‏.‏

و في بعض التعاليق أن جم شاد ملك الأقاليم السبعة والجن والإنس فاتخذ له عجلة ركبها وكان أول يوم ركبها فيه أول يوم من شهر فرودين ماه وكان مدة ملكه لا يريهم وجهه فلما ركبها أبرز لهم وجهه وكان له حظ من الجمال وافر فجعلوا يوم رؤيتهم له عيداً وسموه نوروزا‏.‏

ومن الفرس من يزعم أنه اليوم الذي خلق اله فيه النور وأنه كان بالدوران‏.‏

ومدته عندهم ستة أيام أولها اليوم الأول من شهر افرودين ماه الذي هو أول شهور سنتهم‏.‏

ويسمون اليوم السادس النوروز الكبير لأن الأكاسرة كانوا يقضون في الأيام الخمسة حوائج الناس على طبقاتهم ثم ينتقلون إلى مجالس أنسهم مع ظرفاء خواصهم‏.‏

وحكى ابن المقفع أنه كان من عادتهم فيه أن يأتي الملك رجل من الليل قد أرصد لما يفعله مليح الوجه فيقف على الباب حتى يصبح فإذا أصبح دخل على الملك من غير استئذان ويقف حيث يراه فيقول له‏:‏ من أنت ومن أين أقبلت وأين تريد وما اسمك ولأي شيء وردت وما معك فيقول‏:‏ أنا المنصور واسمي المبارك ومن قبل الله أقبلت والملك السعيد أردت وبالهناء والسلامة وردت ومعي السنة الجديدة ثم يجلس ويدخل بعده رجل معه طبق من فضة وعليه حنطة وشعير وجلبان وحمص وسمسم وأرز من كل واحد سبع سنبلات وسبع حبات وقطعة سكر ودينار ودرهم جديدان فيضع الطبق بين يدي الملك ثم تدخل عليه الهدايا ويكون أول من يدخل عليه بها وزيره ثم صاحب الخراج ثم صاحب المعونة ثم الناس على طبقاتهم ثم يقدم للملك رغيف كبير من تلك الحبوب مصنوع موضوع في سلة فيأكل منه ويطعم من حضر ثم يقول‏:‏ هذا يوم جديد من شهر جديد من عام جديد يحتاج أن يجدد فيه ما أخلق من الزمان وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس لفضله على سائر الأعضاء ثم يخلع على وجوه دولته ويصلهم ويفرق عليهم ما وصل إليه من الهدايا‏.‏

وأما عوام الفرس فكانت عادتهم فيه رفع النار في ليلة ورش الماء في صبيحته ويزعمون أن إيقاد النيران فيه لتحليل العفونات التي أبقاها الشتاء في الهواء‏.‏

ويقال إنما فعلوا ذلك تنويهاً بذكره وإشهاراً لأمره‏.‏

وقالوا في رش الماء‏:‏ إنما هو بمنزلة الشهرة لتطهير الأبدان مما انضاف إليها من وقال آخرون‏:‏ إن سبب رش الماء فيه أن فيروز بن يزدجرد لما استتم سورجي وهي أصبهان القديمة لم تمطر سبع سنين في ملكه ثم مطرت في هذا اليوم ففرح الناس بالمطر وصبوا من مائه على أبدانهم من شدة فرحهم به فصار ذلك سنة عندهم في ذلك اليوم من كل عام وما أحلى قول بعضهم يخاطب من يهواه ويذكر ما يعتمد في النيروز من شب النيران وصب الأمواه‏:‏ كيف ابتهاجك بالنيروز يا سكني وكل ما فيه يحكيني وأحكيه فتارة كلهيب النار في كبدي وتارة كتوالي عبرتي فيه أسلمتني فيه يا سؤلي إلى وصب فكيف تهدي إلى من أنت تهديه وأول من رسم هدايا النيروز والمهرجان في الإسلام الحجاج بن يوسف الثقفي ثم رفع ذلك عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه واستمر المنع فيه إلى أن فتح باب الهدية فيه أحمد بن يوسف الكاتب فإنه أهدى فيه للمأمون سفط ذهب فيه قطعة عود هندي في طوله وعرضه وكتب معه‏:‏ هذا يوم جرت فيه العادة بإتحاف العبيد السادة وقد قلت‏:‏ على العبد حق وهو لا شك فاعله وإن عظم المولى وجلت فواضله ألم ترنا نهدي إلى الله ماله وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله فلو كان يهدي للجليل بقدره لقصر عنه البحر يوماً وساحله وكتب سعيد بن حميد إلى صديق له يوم نيروز‏:‏ هذا يوم سهلت فيه السنة للعبيد الإهداء للملوك فتعلقت كل طائفة من البر بحسب القدرة والهمة ولم أجد فيما أملك ما يفي بحقك ووجدت تقريظك أبلغ في أداء ما يجب لك ومن لم يؤت في هديته إلا من جهة قدرته فلا طعن عليه‏.‏

هذا ما يتعلق بنيروز الفرس من ذكر الهدايا فيه وإيقاد النار ورش الماء وأول ن سنه‏.‏

وأما تعلقه بالخراج فسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى عند الكلام على جباية الخراج في فن الديونة‏.‏

العيد الثاني من أعياد الفرس المهرجان‏:‏ وهو في السادس والعشرين من تشرين الأول من شهور السريان وفي السادس عشر من مهرماه من شهور الفرس وفي التاسع من أبيب من شهور القبط وبينه وبين النيروز مائة وسبعة وستون يوماً وهذا الأوان في وسط الخريف وفي ذلك يقول الشاعر‏:‏ أجب المهرجان لأن فيه سروراً للملوك ذوي السناء وباباً للمصير إلى أوان تفتح فيه أبواب السماء ومدته ستة أيام ويسمى اليوم السادس منه المهرجان الأكبر كما يسمى اليوم السادس من أيام قال المسعودي‏:‏ وسبب تسميتهم لهذا اليوم بهذا الاسم أنهم كانوا يسمون شهورهم بأسماء ملوكهم وكان لهم ملك يسمى مهراً يسير فيهم بالعنف والعسف فمات في النصف من هذا الشهر وهو مهرماه فسمي ذلك اليوم مهرجان وتفسيره نفس مهر ذهبت والفرس تقدم في لغتها ما تؤخره العرب في كلامها وهذه اللغة الفهلوية وهي الفارسية الأولى وزعم آخرون أن مهر بالفارسية حفاظ وجان الروح وفي ذلك يقول عبيد الله بن طاهر‏:‏ إذا ما تحقق بالمهرجا ن من ليس يعرف معناه غاظا ومعناه أن غلب الفرس فيه فسموه للروح فيه حفاظا ويقال‏:‏ إنما ظهر في عهد افريدون الملك ومعنى هذا الاسم إدراك الثأر وذلك أن افريدون أخذ بثأر جده جم شاد من الضحاك فإنه كان أفسد دين المجوسية وخرج على جم شاد فأخذ منه الملك وقتله فلما غلبه افريدون قتله بجبل دُنْباوَنْد وأعاد المجوسية إلى ما كانت فاتخذ الفرس يوم قتله عيداً وسموه مهرجان والمهر الوفاء وجان سلطان وكان معناه سلطان الوفاء‏.‏

وزعم بعض الفرس أن الضحاك هو النمرود وافريدون هو إبراهيم عليه السلام بلغتهم‏.‏

ويقال إن المهرجان هو اليوم الذي عقد فيه التاج على رأس اردشير بن بابك أول ملوك الفرس الساسانية وكان مذهب الفرس في المهرجان أن يدهن ملكهم بدهن البان تبركاً وكذلك العوام وأن يلبس القصب والوشي ويتوج بتاج عليه صورة الشمس وحجلتها الدائرة عليها ويكون أول من يدخل إليه الموبذان بطبق فيه أترجة وقطعة سكر ونبق وسفرجل وعناب وتفاح وعنقود عنب أبيض وسبع طاقات آس قد زمزم عليها ثم تدخل الناس على طبقاتهم بمثل ذلك وربما كانوا يذهبون إلى تفضيله على النيروز وفيه يقول عبيد الله بن عبد الله بن طاهر‏:‏ أخا الفرس إن الفرس تعلم إنه لأطيب من نيروزها مهرجانها لإدبار أيام يغم هواؤها وإقبال أيام يسر زمانها قال المسعودي‏:‏ وأهل المروءات بالعراق وغيرها من مدن العجم يجعلون هذا اليوم أول يوم من الشتاء فيغيرون فيه الفرش والآلات وكثيراً من الملابس‏.‏

العيد الثالث السدق‏:‏ ويسمى أبان روز ويعمل في ليلة الحادي عشر من شهر بهمن ماه من شهور الفرس وسنتهم فيه أيقاد النيران بسائر الأدهان والولوع بها حتى إنهم يلقون فيها سائر الحبوب ويقال إن سبب اتخاذهم لهذا العيد أن الأب الأول وهو عندهم كيومرت لما كمل له من ولده مائة ولد زوج الذكور بالإناث وصنع لهم عرساً أكثر فيه وقود النيران ووافق ذلك الليلة المذكورة فاستسنت ذلك الفرس بعده‏.‏

وقد ولعت الشعراء بوصف هذه الليلة فقال أبو القاسم المطرز يصف سدقاً عمله السلطان ملكشاه بدجلة أشعل فيه النيران والشموع في السماريات وكل نار على العشاق مضرمة من نار قلبي أو من ليلة السدق نار تجلت بها الظلماء واشتبهت بسدفة الليل فيها غرة الفلق وزارت الشمس فيها البدر واصطلحا على الكواكب بعد الغيظ والحنق مدت على الأرض بسطاً من جواهرها ما بين مجتمع وار ومفترق مثل المصابيح إلا أنها نزلت من السماء بلا رجم ولا حرق أعجب بنار ورضوان يسعرها ومالك قائم منها على فرق في مجلس ضحكت روض الجنان له لما جلا ثغره عن واضح يقق وقال ابن حجاج من أبيات يمدح بها عضد الدولة‏:‏ ليلتنا حسنها عجيب بالقصف والتيه قد تحقق لنارها في السما لسان عن نور ضوء الصباح ينطق والجو منها قد صار جمراً والنجم منها قد كاد يحرق ودجلة أضرمت حريقاً بألف نار وألف زورق تغيب النجوم الزهر عند طلوعها وتحسد أيام الشهور اللياليا قلادة مجد أعفل الدهر نظمها عيله وقد السنين الخواليا هي الليلة الغراء في كل شتوة تغادر جيد الدهر أبلج حاليا العيد الرابع الشركان‏:‏ وهو في الثالث عشر م تيرماه م شهور الفرس زعموا أن أرس رمى سهمه لما وقعت المصالحة بين منوجهر وقراسياب التركي من المملكة على ريمة سهم فامتد السهم من جبال طبرستان إلى أعالي طخارستان‏.‏

العيد الخامس أيام الفرودجان‏:‏ وهي خمسة أيام أولها السادس والعشرون من أبان ماه من شهور الفرس ومعناه تربية الروح لأنهم كانوا يعملون فيها أطعمة وأشربة لأرواح موتاهم ويزعمون أنها تغتذي بها‏.‏

العيد السادس ركوب الكوسج‏:‏ ويعمل في أول يوم من أدرماه من شهور الفرس وسنتهم فيه أن يركب في كل بلد من بلادهم رجل كوسج قد أعد لما يصنع به بأكل الأطعمة الحارة كالجوز والثوم واللحم السمين ونحوها وبشرب الشراب الصرف أياماً قبل حلول الشهر فإذا حل الشهر لبس غلالة سابوية وركب بقرة وأخذ على يده غراباً ويتبعه الناس يصبون عليه الماء ويضربونه بالثلج ويروحون عليه بالمراوح وهو يصيح بالفارسية‏:‏ كرم كرم أي الحر الحر يفعل ذلك سبعة أيام ومعه أوباش الناس ينهبون ما يجدون من الأمتعة في الحوانيت وللسلطان عليهم مال فإذا وجدوا بعد عصر اليوم السابع ضربوا وحبسوا‏.‏

قال المسعودي‏:‏ ولا يعرف ذلك إلا بالعراق وأرض العجم وأهل الشام والجزيرة ومصر واليمن لا يعرفون ذلك‏.‏

ويقال إن هذا الفعل كان يتداوله أهل كل بيت منهم كوسج وحكى الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار أن سبب ذلك أن كوسجاً كان يشرب في هذه الأيام الدواء ويطلي بدنه فيها فغلب عليها وفي ذلك يقول الشاعر‏:‏ قد ركب الكوسج يا صاح فانزل على الزهرة والراح وأنعم بآدرماه عيشاً وخذ من لذة العيش بأفياح والسنة عندهم منقسمة على أقسام في أول كل قسم منها خمسة أيام تسمى الكنبهارت زعم زرادشت أن في كل يوم خلق الله تعالى نوعاً من الخليقة فهم يتخذونها أعياداً لذلك‏.‏

العيد السابع عيد بهمنجة‏:‏ ويتخذونه في يوم بهمن من شهر بهمن ماه وسنتهم فيه أنهم يآكلون فيه البهمن الأبيض باللبن الحامض على أنه ينفع الحفظ ورؤساء خراسان يعملون فيه الدعوات على طعام يطبخون فيه كل حب مأكول ولحم حيوان يؤكل ويحضر ما يوجد في ذلك الوقت من بقل أو نبات‏.‏

الجملة الثالثة في أعياد القبط واعلم أن أعياد القبط كثيرة وقد أتينا على ذكر تفصيلها سرداً في خلال شهور القبط مع ذكر غيرها وأوردنا كل عيد منها في يومه من شهور القبط وربما ذكرنا بعضها أيضاً في شهور السريان والروم على أن منها ما لا يتعلق بوقت مقيد كالفصح الأكبر عندهم فإنه متعلق بفطرهم من صومهم الأكبر وهو غير مؤقت بوقت معين بل يتغير بالتقديم والتأخير قليلاً على ما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى ونحن نقتصر في هذا الفصل على المشهور من أعيادهم دون غيره ونبين أوقاتها ونشرح أسبابها‏.‏

وهي أربعة عشر عيداً‏.‏

وهي على ضربين‏:‏ كبار وصغار‏.‏

الضرب الأول الكبار وهي سبعة العيد الأول البشارة ويعنون به بشارة غبريال وهو جبريل على زعمهم لمريم عليها السلام بميلاد عيسى صلوات الله عليه يعملونه في التاسع والعشرين من برمهات من شهور القبط‏.‏

الثاني الزيتونة وهو عيد الشعانين وتفسيره بالعربية التسبيح يعملونه في سابع أحد من صومهم وسنتهم فيه أن يخرجوا بسعف النخل نم الكنيسة وهو يوم ركوب المسيح للعفور وهو الحمار في القدس ودخوله صهيون وهو راكب والناس يسبحون بين يديه يأمر المعروف ينهى عن المنكر‏.‏

الثالث الفصح وهو العيد الكبير عندهم يعملونه يوم الفطر من صومهم الأكبر يزعمون أن المسيح قام فيه بعد الصلبوت بثلاثة أيام وخلص آدم من الجحيم وأقام في الأرض أربعين يوماً آخرها يوم الخميس ثم صعد إلى السماء‏.‏

‏"‏ قاتلهم الله أنى يؤفكون ‏"‏‏.‏

الرابع خميس الأربعين ويسميه الشاميون السلاق وهو الثاني والأربعون من الفطر ويقولون إن المسيح عليه السلام تسلق فيه من تلاميذه إلى السماء بعد القيام ووعدهم بإرسال الفارقليط وهو روح القدس عندهم‏.‏

الخامس عيد الخميس وهو عيد العنصرة يعملونه بعد خمسين يوماً من القيام وهو في السادس والعشرين من بشنس ويقولون إن روح القدس حلت في التلاميذ وتفرقت عليهن ألسنة الناس فتكلموا بجميع الألسنة وذهب كل واحد منهم إلى بلاد لسانه الذي تكلم به يدعوهم إلى دين المسيح‏.‏

السادس الميلاد وهو اليوم الذي يقولون إن المسيح ولد فيه ببيت لحم قرية من أعمال فلسطين ويعلمونه في التاسع والعشرين من كيهك من شهور القبط وهم يقولون إنه ولد يوم الاثنين فيجعلون عشية الأحد ليلة الميلاد فيوقدون فيها المصابيح بالكنائس ويزينونها‏.‏

السابع الغطاس يعملونه في الحادي عشر من طوبه من شهور القبط‏.‏

يقولون إن يحيى بن زكريا عليه السلام وينعتونه بالمعمدان غسل عيسى عليه السلام ببحيرة الأردن وأن عيسى لما خرج من الماء اتصل به روح القدس على هيئة حمامة والنصارى يغمسون أولادهم فيه في الماء على أنه يقع في شدة البرد ألا أن عقبه يحمى الوقت يقول المصريون‏:‏ غطستم صيفتم ونورزتم شتيتم‏.‏

الضرب الثاني من أعياد القبط الصغار وهي سبعة أيام الأول الختان ويعملونه في سادس بؤنة من شهور القبط ويقولون‏:‏ إن المسيح ختن في هذا اليوم وهو الثامن من الميلاد‏.‏

الثاني الأربعون يعملونه في الثامن من شهر أمشير من شهور القبط ويقولون‏:‏ إن سمعان الكاهن دخل بعيسى عليه السلام مع أمه بعد أربعين يوماً من ميلاده الهيكل وبارك عليه تلك عقول أضلها باريها وإلا فأين مقام الكاهن من مقام عيسى عليه السلام وهو روح الله وكلمته‏.‏

الثالث خميس العهد يعملونه قبل الفصح بثلاثة أيام وشأنهم أن يأخذوا إناء ويملأوه ويزمزموا عليه ثم يغسل البطريرك به أرجل جميع النصارى الحاضرين ويزعمون أن المسيح عليه السلام فعل هذا بتلاميذه في هذا اليوم يعلمهم التواضع وأخذ عليهم العهد ألا يتفرقوا وأن يتواضع بعضهم لبعض والعامة من النصارى يسمون هذا الخميس خميس العدس وهم يطبخون فيه العدس على ألوان‏.‏

الرابع سبت النور وهو قبل الفصح بيوم‏.‏

يقولون‏:‏ إن النور يظهر على مقبرة المسيح في هذا اليوم فتشتعل منه مصابيح كنيسة القمامة بالقدس‏.‏

قال صاحب مناهج الفكر وغيره‏:‏ وما ذاك إلا من تخييلاتهم النيرنجية التي يفعلها القسيسون منهم ليستميلوا بها عقول عوامهم الضعيفة وذلك أنهم يعلقون القناديل في بيت المذبح ويتحيلون في إيصال النار إليها بأن يمدوا على جميعها شريطاً من حديد في غاية الدقة مدهوناً بدهن البلسان ودهن الزنبق فإذا صلوا وجاء وقت الزوال فتحوا المذبح فتدخل الناس إليه وقد اشتعلت فيه الشموع ويتوصل بعض القوم إلى أن يغلق النار بطرف الشريط الحديد فتسري عليه فتتقد القناديل واحداً بعد واحد إذ من طبيعة دهن البلسان علوق النار فيه بسرعة مع أدنى ملامسة فيظن من حضر من ذوي العقول الناقصة أن النار نزلت من السماء فأوقدت القناديل فالحمد لله على الإسلام‏.‏

الخامس حد الحدود وهو بعد الفصح بثمانية أيام يعملونه أول أحد بعد الفطر لأن الآحاد قبله مشغولة بالصوم وفيه يجددون الآلات وأثاث البيوت ومنه يأخذون في الاستعداد للمعاملات والأمور الدنيوية‏.‏

السادس التجلي ويعملونه في الثالث عشر من مسرى من شهور القبط وآخره السابع والعشرون منها‏.‏

ويقولون‏:‏ إن المسيح عليه السلام تجلى لتلاميذه بعد أن رفع في هذا اليوم وتمنوا عليه ان يحضر لهم إيليا وموسى عليهما السلام فأحضرهما لهم بمصلى بيت المقدس ثم صعد وصعدا‏.‏

السابع عيد الصليب وهو في السابع عشر من توت من شهور القبط والنصارى يقولون إن قسطنطين بن هيلاني انتقل عن اعتقاد اليونان إلى اعتقاد النصرانية وبنى كنيسة قسطنطينة العظمى وسائر كنائس الشام ويزعمون أن سبب ذلك أنه كان مجاوراً للبرجان فضاق بهم ذرعاً من كثرة غاراتهم على بلاده فهم أن يصانعهم ويفرض لهم عليه إتاوة في كل عام ليكفوا عنه فرأى ليلة في المنام أن ملائكة نزلت من السماء ومعها أعلام عليها صلبان فحاربت البرجان فانهزموا فلما أصبح عمل أعلاماً وصور فيها صلباناً ثم قاتل بها البرجان فهزمهم فسأل من كان في بلده من التجار هل يعرفون فيما طافوه من البلاد ديناً هذا زيه فقالوا له‏:‏ دين النصرانية وإنه في بلد القدس والخليل من أرض الشام‏.‏

فأمر أهل مملكته بالرجوع عن دينهم إليه وأن يقصوا شعورهم ويحلقوا لحاهم‏.‏

وإنما فعل ذلك لأنهم يزعمون أن رسل عيسى عليه السلام كانوا قد وردوا على اليونان قبل يأمرونهم بالتعبد بدين النصرانية فأعرضوا عنهم ومثلوا بهم هذه المثلة نكالاً لهم ففعلوا ذلك تأسياً بهم‏.‏

ولما تنصر قسطنطين خرجت أمه هيلاني إلى الشام فبنت به الكنائس وسارت إلى بيت المقدس وطلبت الخشبة التي زعمت النصارى أن المسيح صلب عليها فحملت إليها فغشتها بالذهب واتخذت ذلك اليوم عيداً‏.‏

وسيأتي الكلام على ذلك مفصلاً في ترجمة قسطنطين في خاتمة الكتاب عند ذكر الملوك الذين استولوا على الديار المصرية وفيما ذكرنا هنا مقنع والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

وقد صار منن أعيادهم المشهورة بالديار المصرية النيروز وهو أول يوم من سنتهم وإن لفظة النيروز فارسية معربة وكأن القبط والله أعلم اتخذوا ذلك على طريقة الفرس واستعاروا اسمه منهم فسموا اليوم الأول من سنتهم أيضاً نيروزاً وجعلوه عيداً قال في مناهج الفكر‏:‏ وهم يظهرون فيه من الفرح والسرور وإيقاد النيران وصب الأمواه أضعاف ما يفعله الفرس ويشاركهم فيه العوام من المسلمين‏.‏

قال المسعودي‏:‏ وأهل الشام يعملون مثل ذلك في أول سنتهم أيضاً وهو أول يوم من ينير من شهور الروم ويوافقه كانون الثاني وهو الشهر الرابع من شهور السريان وذلك في السادس من طوبة من شهور القبط ويسمونه القلنداس إلا أن أهل مصر يزيدون فيه التصافع بالأنطاع وربما حملهم ترك الاحتشام على أن يتجرأوا على الرجل المطاع ولولا أن ولاة الأمر يردعونهم ويمنعونهم من ذلك لمنعوا الطريق من السالك وهم مع ذلك من ظفروا به لا يتركونه إلا بما يرضيهم‏.‏

والذي استقر عليه الحال بالديار المصرية إلى آخر سنة إحدى وتسعين وسبعمائة أنهم يقتصرون على رش الأمواه والتصافع وترك الاحتشام دون إيقاد النيران إلا من يفعل ذلك من النصارى في بيته أو خاصته‏.‏

ولهم أعياد ومواسم سوى ما تقدم ذكرها صاحب التذكرة ونحن نذكرها على ترتيب شهور القبط وهي‏:‏ عيد سيغورس وعيد متى الإنجيلي وهما في الثاني من توت‏.‏

عيد سمعان الحبيس وهو في الرابع من توت‏.‏

عيد ماما وهو في الخامس من توت‏.‏

عيد شعيا وهو في السادس من توت‏.‏

عيد ساويرس وهو في السابع من توت‏.‏

عيد موسى النبي عليه السلام وهو في الثامن من توت‏.‏

عيد توما التلميذ وهو في التاسع من توت‏.‏

وخروج نوح عليه السلام من السفينة ومولد مريم عليها السلام وهما في العاشر من توت‏.‏

عيد باسيلوس وهو في العشرين من توت‏.‏

ونياحة أب يجرج وهي في الثاني والعشرين من توت‏.‏

عيد أولاد الفرس وهو في الثالث والعشرين من توت‏.‏

عيد أليصابات وهو في السادس والعشرين من توت‏.‏

عيد اسطاتوا وانتقال يوحنا وهما في السابع والعشرين من بابه‏.‏

عيد يعقوب بن حلفا وهو في الخامس من بابه عيد أبو بولا وهو في السابع من بابه‏.‏

عيد توما وهو في الثامن من بابه‏.‏

عيد أبي مسرجة وهو في العاشر من بابه‏.‏

عيد يعقوب وهو في الحادي عشر من بابه‏.‏

وشهادة متى وهي في الثاني عشر من بابه‏.‏

عيد الفرات وهو في الثالث عشر من بابه‏.‏

وشهادة يوحنا وهي في العشرين من بابه‏.‏

وتذكار السيدة وهو في الحادي والعشرين من بابه‏.‏

عيد لوقا وهو في الثاني والعشرين من بابه عيد أبي جرج وهو في الثالث والعشرين من بابه‏.‏

ودخول السيدة الهيكل وهو في الحادي والعشرين من بابه عيد يعقوب ويوسف وهو في السادس والعشرين من بابه‏.‏

عيد أبي مقار وهو في السابع والعشرين من بابه‏.‏

عيد مرقص وهو في آخر يوم من بابه‏.‏

عيد بطرس البطرك وهو ي أول يوم من هاتور‏.‏

عيد زكريا وهو في الرابع من هاتور‏.‏

واجتماع التلاميذ وهو في السادس من هاتور‏.‏

وتكريز أبي جرج وهو في السابع من هاتور‏.‏

وعيد الأربع حيوانات وهو في الثامن من هاتور‏.‏

وتذكار الثلثمائة وثمانية عشر وهو في التاسع من هاتور‏.‏

ونياحة إسحاق وهو في العاشر من هاتور عيد ميكائيل وهو في الثاني عشر من هاتور‏.‏

وشهادة أبي مينا وهو في الخامس عشر من هاتور‏.‏

عيد فيلبس الرسول وهو في التاسع عشر من هاتور‏.‏

عيد أساسياس وهو في العشرين من هاتور‏.‏

عيد شمعون وهو في الحادي والعشرين من هاتور‏.‏

تذكار الشهداء وهو الثاني والعشرين من هاتور‏.‏

عيد مركوريوس وهو في الرابع والعشرين من هاتور‏.‏

عيد أبي مقورة وهو في الخامس والعشرين من هاتور‏.‏

عيد ادفيانوس وهو في السادس والعشرين من هاتور‏.‏

عيد يعقوب المقطع وهو في السابع والعشرين من هاتور‏.‏

عيد ياهور وهو في الثاني من كيهك‏.‏

عيد اندراس وهو في الرابع من كيهك‏.‏

عيد سيورس وهو في الخامس من كيهك‏.‏

عيد بزبارة وهو في السابع من كيهك‏.‏

عيد أيامين وهو في الثامن من كيهك‏.‏

عيد ماري نقولا وهو في العاشر من كيهك‏.‏

عيد سمعان وهو في الرابع عشر من كيهك‏.‏

ونياحة يوحنا وهي في السادس عشر من كيهك وصوم الميلاد وهو في الثالث والعشرين من كيهك‏.‏

وقتل الأطفال وهو في الثالث من طوبه‏.‏

عيد يوحنا الإنجيلي وهو يف الرابع من طوبه‏.‏

وعيد توما وهو في السابع من طوبه‏.‏

عيد الختان وهو في الثامن من طوبه‏.‏

عيد إبراهيم وهو في التاسع من طوبه‏.‏

وصوم الغاطس وأوله العاشر من طوبه‏.‏

وصوم العذارى وهو في الثالث عشر من طوبه‏.‏

عيد ملسوس وهو في الرابع عشر م طوبه‏.‏

عيد غاريوس وهو في الخامس عشر من طوبه‏.‏

عيد قيلانوس وهو في السادس عشر من طوبه‏.‏

عيد يوحنس وهو في التاسع عشر من طوبه‏.‏

ونزول الإنجيل وتذكار السيد وهما في العشرين من طبوه‏.‏

وصوم نينوى وهو ي الحادي والعشرين من طوبه‏.‏

ومقتل يحيى وهو في الرابع والعشرين من طوبه عيد أبي بشارة وهو في الخامس والعشرين من طوبه‏.‏

عيد الشهداء وهو في السادس والعشرين من طوبه‏.‏

عيد طيمارس الرسول وهو في السابع والعشرين من طوبه وآخر نياحة نقولا وهو في اليوم الآخر من طوبه‏.‏

عيد العذارى وعيد يهوذا وهما في الأول من أمشير‏.‏

عيد مقار وهو في الثاني من أمشير‏.‏

ونياحة تيادرس وهو في السادس من أمشير‏.‏

ونياحة برصوما وهو في التاسع من أمشير‏.‏

عيد بيطن وشهادة يعقوب وهما في العاشر من أمشير‏.‏

عيد أبي مسرجة وهو في الرابع عشر من أمشير‏.‏

عيد قلانوس وهو في السادس عشر من أمشير‏.‏

عيد يعقوب الرسول وهو في السابع عشر من أمشير‏.‏

عيد بطرس الشهيد وهو في التاسع عشر من أمشير‏.‏

ونزول السيدة من الجبل وهو في الحادي والعشرين من أمشير‏.‏

وشهادة سدرس وهو في السادس والعشرين من أمشير‏.‏

ووجود رأس يوحنا وهو في اليوم الآخر من أمشير‏.‏

عيد الجلبانة وهو في الثالث من شهر برمهات‏.‏

عيد أرمانوس وهو في السابع من برمهات‏.‏

عيد المعمودة وهو في التاسع من برمهات‏.‏

وظهور الصليب وهو في العاشر من برمهات‏.‏

عيد أبي مينا وهو في الحادي عشر من برمهات‏.‏

عيد ميلاخي وهو في الثاني عشر من برمهات‏.‏

عيد إلياس الشهيد وهو في السابع عشر من برمهات‏.‏

ونياحة بولص وهي في الثاني والعشرين من برمهات‏.‏

عيد العزر وهو في الثالث والعشرين م برمهات‏.‏

عيد الشعانين وهو في الرابع والعشرين من برمهات‏.‏

عيد المرسونة وهو في الخامس والعشرين من برمهات‏.‏

وغسل الأرجل وهو في الثامن والعشرين م برمهات‏.‏

وجمعة الصلبوت وهو في التاسع والعشرين من برمهات‏.‏

عيد مرقص الإنجيلي وهو في اليوم الآخر من برمهات‏.‏

عيد توما البطرك وهو في الثاني من برموده‏.‏

عيد حزقيال النجيب وهو في الخامس من برموده‏.‏

عيد مرقص وهو في السابع من برموده‏.‏

والأخذ بالحديد وهو في الثامن من برموده‏.‏

عيد يوحنا الأسقف وهو في الحادي عشر من برموده‏.‏

عيد جرجس وهو في الثالث عشر من برموده‏.‏

عيد أبي متى وهو في السادس عشر من برموده‏.‏

عيد يعقوب عيد سنوطه وهما في التاسع عشر من برموده‏.‏

وذكران الشهداء وهو في الحادي والعشرين من برموده‏.‏

عيد ساويرس وهو في السادس والعشرين من برموده‏.‏

عيد أبي نيطس وهو في السابع والعشرين م برموده‏.‏

عيد أصحاب الكهف وهو في التاسع والعشرين من برموده‏.‏

عيد مرقص الإنجيلي وهو في اليوم الآخر من برموده‏.‏

عيد تيادرس وهو في الثاني من بشنس‏.‏

عيد شمعون وهو في الثالث من بشنس‏.‏

عيد الحندس وهو في الرابع من بشنس‏.‏

ونياحة يعقوب وهو في السابع من بشنس‏.‏

عيد دفرى سوه وهو في السادس من بشنس‏.‏

عيد أساسياس وهو في السابعمن بشنس‏.‏

وصعود المسيح عندهم وهو في الثامن من بشنس‏.‏

عيد دير القصير وهو في الحادي والعشرين من بشنس‏.‏

ونزول السيد إلى مصر وهو في الرابع والعشرين من بشنس‏.‏

عيد سوسى وهو في الخامس والعشرين م بشنس‏.‏

عيد توما التلميذ وهو في السادس والعشرين من بشنس‏.‏

عيد سمعون العجاس وهو في السابع والعشرين من بشنس‏.‏

عيد طيمارس وهو في التاسع والعشرين من بشنس‏.‏

عيد الورد بالشا وهو في اليوم الآخر من بشنس‏.‏

عيد أبي مقار وهو في الثاني من بؤنه‏.‏

ووجود عظام لوقا وهو في الثالث من بؤنه‏.‏

وعيد توما وعيد مامور وهما في الرابع من بؤنه‏.‏

عيد يوحنا ونزول صحف إبراهيم عليه السلام وهما في التاسع من بؤنه‏.‏

عيد أبي مينا وهو في الخامس عشر من بؤنه‏.‏

عيد أبي مقار وهو في السادس عشر من بؤنه‏.‏

عيد السيدة وهو في الحادي والعشرين من بؤنه‏.‏

عيد اتريب وهو في الثالث والعشرين نم بؤنه‏.‏

عيد أبي مينا وهو في‏.‏

والعشرين من بؤنه‏.‏

وتذكار تيادرس وهو في أول أبيب‏.‏

ونياحة بولص وهو في الثاني من أبيب والثالث منه أيضاً‏.‏

وعيد المعينة وعيد القيصرية وهما في الخامس من أبيب‏.‏

وعيد أبي سنوبة وهو في السابع من أبيب‏.‏

وعيد اسنباط وهو في الثامن من أبيب‏.‏

وشهادة هارون وعيد سمعان وهما في التاسع من أبيب‏.‏

وعيد تادرس نطيره وهو في العاشر من أبيب‏.‏

وعيد أبي هور وهو في الثاني عشر من أبيب‏.‏

وعيد أبي مقار وهو في الرابع عشر من أبيب‏.‏

وعيد اقدام السريان وهو في الخامس عشر من أبيب‏.‏

عيد يوحنا وذكريا وهو في السادس عشر من أبيب‏.‏

وعيد يعقوب التلميذ وهو في السابع عشر من أبيب‏.‏

وعيد بولاق وهو في التاسع من أبيب‏.‏

وعيد تادرس الشهيد وهو في العشرين من أبيب‏.‏

وعيد السيدة‏.‏

وعيد ميخائيل وهما في الحادي والعشرين من أبيب‏.‏

وعيد سمعان البطرك وعيد شنوده وهما في الثالث والعشرين من أبيب‏.‏

وعيد سمنود وهو في الرابع والعشرين من أبيب‏.‏

وعيد مرقوريوص وهو فيالخامس والعشرين من أبيب‏.‏

وعيد حزقيل النبي عليه السلام وهو في السابع والعشرين من أبيب‏.‏

ورفعة إدريس عليه السلام وعيد مريم وهما في الثامن والعشرين من أبيب‏.‏

وحرم السيد وهو في اليوم الآخر من أبيب‏.‏

وعيد الخندق وهو في اليوم الأول من مسرى‏.‏

وعيد أبي مينا وهو في اليوم الثاني م مسرى‏.‏

وعيد سمعان المعمودي وهو في الثالث من مسرى‏.‏

ودخول نوح السفينة وهو في الثامن من مسرى‏.‏

وعيد طورسينا وعيد السيدة وهما في التاسع من مسرى‏.‏

وعيد اللباس وهو في العاشر من مسرى‏.‏

وشهادة أنطونيوس وعيد العدوية وهو في الخامس عشر من مسرى‏.‏

وعيد يعقوب الشهيد وهو في السابع عشر من مسرى‏.‏

وعيد أبي مقار وهو في الثامن عشر من مسرى‏.‏

وعيد اليسع وهو في التاسع عشر من مسرى‏.‏

وعيد أصحاب الكهف وهو في العشرين من مسرى‏.‏

وصوم الأربعين وهو في الحادي والعشرين من مسرى‏.‏

وعيد الحوزة بدمش وهو في الثالث والعشرين من مسرى‏.‏

وعيد صوفيل وهو في السادس والعشرين من مسرى‏.‏

وعيد إبراهيم وإسحاق وهو في الثامن والعشرين من مسرى‏.‏

وعيد موسى الشهيد وشهادة يوحنا وهو في اليوم الآخر من مسرى‏.‏

الجملة الرابعة في أعياد اليهود وهي على ضربين الضرب الأول ما نطقت به التوراة بزعمه‏.‏

وهي خمسة أعياد‏.‏

العيد الأول‏:‏ رأس السنة يعملونه عيد رأس سنتهم ويسمونه عيد رأس هيشا أي عيد رأس الشهر وهو أول يوم من تشرى يتنزل عندهم منزلة عيد الأضحى عندنا ويقولون‏:‏ إن الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام بذبح إسماعيل ابنه فيه وفداه بذبح عظيم‏.‏

العيد الثاني‏:‏ عيد صوماريا ويسمونه الكبور وهو عندهم الصوم العظيم الذي يقولون إن الله تعالى فرض عليهم صومه ومن لم يصمه قتل عندهم‏.‏

ومدة هذا الصوم خمس وعشرون ساعة يبدأ فيها قبل غروب الشمس في اليوم التاسع من شهر تشرى وتختم بمضي ساعة بعد غروبها في اليوم العاشر وربما سموه العاشور‏.‏

ويشترط فيه لجواز الإفطار عندهم رؤية ثلاثة كواكب عند الإفطار وهي عندهم تمام الأربعين الثالثة التي صمها موسى عليه السلام‏.‏

ولا يجوز أن يقع هذا الصوم عندهم في يوم الأحد ولا في يوم الثلاثاء ولا في يوم الجمعة ويزعمون أن الله يغفر لهم فيه جميع ذنوبهم ما خلا الزنا بالمحصنة وظلم الرجل أخاه وجحده ربوبية الله تعالى‏.‏

العيد الثالث‏:‏ عيد المظلة وهو سبعة أيام أولها الخامس عشر من تشرى وكلها أعياد عندهم واليوم الآخر منها يسمى عرايا أي شجر الخلاف وهو أيضاً حج لهم‏.‏

يجلسون في هذه الأيام تحت ظلال من جريد النخل وأغصان الزيتون والخلاف وسائر الشجر الذي لا ينتشر ورقه على الأرض ويزعمون أن ذلك تذكار منهم لإظلال الله إياهم في التيه بالغمام‏.‏

العيد الرابع‏:‏ عيد الفطير ويسمونه الفصح ويكون في الخامس عشر من نيسان وهو سبعة أيام أيضاً يأكلون فيها الفطير وينظفون بيوتهم فيها من خبز الخير لأن هذه الأيام عندهم هي الأيام التي خلص الله فيها بني إسرائيل من يد فرعون وأغرقه فخرجوا إلى التيه فجعلوا يأكلون اللحم والخبز الفطير وهم بذلك فرحون وفي أحد هذه الأيام غرق فرعون‏.‏

العيد الخامس‏:‏ عيد الأسابيع ويسمى عيد العنصرة وعيد الخطاب ويكون بعد عيد الفطير بسبعة أسابيع واتخاذهم لهذا العيد في السادس من سيوان من شهور اليهود وهو الثلاث والعشرون من بشنس من شهور القبط‏.‏

يقولون‏:‏ إنه اليوم الذي خاطب الله في بني إسرائيل من طور سينا وفي جملة هذا الخطاب العشر كلمات وهي وصايا تضمنت أمراً ونهياً وضمنت التوفيق لمن حصلها حفظاً ورعياً وهو حج من حجوجهم وحجوجهم ثلاثة‏:‏ الأسابيع والفطير والمظلة وهم يعظمونه ويأكلون فيه القطائف ويتفننون في عملها ويجعلونها بدلاً عن المن الذي أنزل الله عليهم في هذا اليوم ويسمى هذا العيد أيضاً عشرتا ومعناه الاجتماع‏.‏

الضرب الثاني ما أحدثه اليهود زيادة على ما زعموا أن التوراة نطقت به وهو عيدان العيد الأول‏:‏ الفوز وهو عندهم عيد سرور ولهو وخلاعة يهدي فيه بعضهم إلى بعض وهم يقولون‏:‏ إن سبب اتخاذهم له أن بختنصر لما أجلى من كان ببيت المقدس من اليهود إلى عراق العجم أسكنهم بحي وهي إحدى مدينتي أصفهان ثم ذهبت أيام الكلدانيين وملكت الفرس الأولى والأخيرة فلما ملك أردشير بن بابك وتسميه اليهود بالعبرانية أجشادوس وكان له وزير يسمونه بلغتهم هيمون ولليهود يومئذ حبر يسمى بلغتهم مردوخاي فبلغ أردشير أن له ابنة عم من أحسن أهل زمانها وأكملهم عقلاً فطلب تزويجها منه فأجابه لذلك فحظيت عنده حظوة صار بها مردوخاي قريباً منه فأراد هيمون إصغاره واحتقاره حسداً له وعزم على إهلاك طائفة اليهود التي في جميع مملكة أردشير فرتب مع نواب الملك في جميع الأعمال أن يقتل كل أحد منهم من يعلمه من اليهود وعين له يوماً وهو النصف من آذار وإنما خص هذا اليوم دون سائر الأيام لأن اليهود يزعمون أن موسى ولد فيه وتوفي فيه وأراد بذلك المبالغة في نكايتهم ليتضاعف الحزن عليهم بهلاكهم وبموت موسى فاتضح لمرودخاي ذلك من بعض بطانة هيمون فأرسل إلى ابنة عمه يعلمها بما عزم عليه هيمون في أمر اليهود وسألها إعلام الملك بذلك وحضها على إعمال الحيلة في خلاص نفسها وخلاص قومها فأعلمت الملك بالحال وذكرت له‏:‏ إنما حمله على ذلك الحسد على قربنا منك ونصيحتنا لك فأمر بقتل هيمون وقتل أهله وأن يكتب لليهود بالأمان والبر والإحسان في ذلك اليوم فاتخذوه عيداً واليهود يصومون قبله ثلاثة أيام وفي هذا العيد يصورون من الورق صورة هيمون ويملأون بطنها نخالة وملحاً ويلقونها في النار حتى تحترق يخدعون بذلك صبيانهم‏.‏

العيد الثاني‏:‏ عيد الحنكة وهو ثمانية أيام يوقدون في الليلة الأولى من لياليه على كل باب من أبوابها سراجاً وفي الليلة الثانية سراجين وهكذا إلى أن يكون في الليلة الثامنة ثمانية سرج وهم يذكرون أن سبب اتخاذهم لهذا العيد أن بعض الجبابرة تغلب على بيت المقدس وفتك باليهود وافتض أبكارهم فوثب عليه أولاً كهانهم وكانوا ثمانية فقتله أصغرهم وطلب اليهود زيتاً لوقود الهيكل فلم يجدوا إلا يسيراً وزعوه على عدد ما يوقدونه من السرج على أبوابهم في كل ليلة إلى تمام ثمان ليال فاتخذوا هذه الأيام عيداً سموه الحنكة ومعناه التنظيف لأنهم نظفوا فيه الهيكل من أقذار شيعة الجبار وبعضهم يسميه الرباني‏.‏

الجملة الخامسة في أعياد الصابئين ومدار أعيادهم على الكواكب وأعيادهم عند نزول الكواكب الخمسة المتحيرة وهي زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد في بيوت شرفها وذلك أن من البروج ما يقوم لهذه الكواكب مقام قصر العز للملك يشتهر فيه ويعلو ويشرف وفيها درجات معلومة ينسب الشرف إليها ومنها ما يخمل فيه ويفسد حاله و يكون ذلك أيضاً في درجات معلومة تقابل درجات الشرف به من البرج المقابل ويسمى ذلك هبوطاً فزحل شرفه في إحدى وعشرين درجة من الميزان ويهبط في مثلها من الحمل والمشتري يشرف في خمس عشرة درجة من السرطان ويهبط في مثلها من الجدي والمريخ يشرف في ثمان عشرة درجة من الجدي ويهبط في مثلها من السرطان والزهرة تشرف في تسع وعشرين درجة من الحوت وتهبط فيمثلها من السنبلة وعطارد شرفه في خمس عشرة درجة من السنبلة ويهبط في مثلها من الحوت وكذلك الشمس تشرف في تسع عشرة درجة من الحمل وتهبط في مثلها من الميزان والقمر يشرف في ثلاث درجات من السنبلة ويهبط في مثلها من الحوت‏.‏

وهم يعظمون اليوم الذي تنزل الشمس فيه الحمل ويلبسون فيه أفخر ثيابهم‏.‏

وهو عندهم من أعظم الأعياد‏.‏

وكانت ملوكهم تبني الهياكل وتجعل لها أعياداً بحسب الكواكب التي بنيت على اسمها فيه‏.‏